للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا يدل ذلك على علو درجتهم إذا دخلوا الجنة قبل الأغنياء، بل إنما يدل على السبق لعدم ما يحاسبون عليه، ولا ريب أن وليّ الأمر العادل يتأخر دخوله للحساب وكذلك الغني الشاكر، ولا يلزم من تأخر دخولهما نزول درجتهما عن درجة الفقير كما تقدم (١).

وأما تمني الأغنياء أنهم كانوا فقراء، فإن صحت هذه اللفظة (٢) لم تدل على انحطاط درجتهم، كما يتمنى القاضي العادل في بعض المواطن يوم القيامة أنه لم يقضِ بين اثنين في تمرة لما يرى من شدة الأمر؛ فمنزلة الفقر والخمول منزلة السلامة، ومنزلة الغنى والولاية منزلة الغنيمة أو العطب.

قال أبو الحسين: وروى ابن عمر أن النبي قام في أصحابه فقال: "أي الناس خير؟ " فقال بعضهم: غني يعطي حق نفسه وماله، فقال النبي : "نِعْمَ الرجل هذا وليس به، ولكن خير الناس


= وحديث أنس سبق ص (٣٤٢).
أما حديث أبي سعيد الخدري، فرواه أبو داود في "سننه" رقم (٣٦٦٦)، بلفظ: "أبشروا يا معشر صعاليك المهاجرين بالنور التام يوم القيامة، تدخلون الجنة قبل أغنياء الناس بنصف يوم، وذاك خمس مائة سنة". وفيه قصة.
ورواه الترمذي في "جامعه" رقم (٢٣٥١)، وقال: "حديث حسن غريب من هذا الوجه"، وابن ماجه في "سننه" رقم (٤١٢٣)، ولفظ الترمذي: "فقراء المهاجرين يدخلون الجنة قبل أغنيائهم بخمس مائة سنة". ولفظ ابن ماجه: "إن فقراء المهاجرين يدخلون الجنة قبل أغنيائهم بمقدار خمس مائة سنة".
(١) ص (٣٠٠، ٣٠١).
(٢) وهي التي جاءت في حديث أبي برزة السابق، وسبق بيان ضعف الحديث.

<<  <  ج: ص:  >  >>