للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالفقراء يتقدمون في دخول الجنة لخفّة الحساب عليهم، والأغنياء يؤخرون لأجل الحساب، ثم إذا حوسب أحدهم فإن كانت حسناته أعظم من حسنات الفقراء كانت درجته في الجنة فوقه، وإن تأخر في الدخول.

كما أن السبعين ألفًا الذين (١) يدخلون الجنة بغير حساب -ومنهم عكاشة بن محصن (٢) - قد يدخل الجنة بحساب من يكون أفضل من أحدهم في الدرجات، لكن أولئك استراحوا من تعب الحساب.

وهذا في الفقراء المذكورين (٣) في الكتاب والسنة وهو ضدّ الغنى الذي يبيح أخذ الزكاة أو الذي لا يوجب الزكاة.

ثم قد صار في اصطلاح كثير من الناس: الفقر عبارة عن الزهد والعبادة والأخلاق. ويسمون من اتصف بذلك فقيرًا وإن كان ذا مال، [ومن لم يتصف بذلك قالوا: ليس بفقير وإن لم يكن له مال،] (٤) وقد يسمى هذا المعنى تصوفًا.

ومن الناس من يفرق بين مسمى الفقير والصوفي، ثم من هؤلاء من يجعل مسمى الفقير أفضل، ومنهم من يجعل مسمى الصوفي أفضل.

والتحقيق في هذا الباب: أنه لا ينظر إلى الألفاظ المحدثة بل


(١) ساقطة من الاْصل، واستدركتها من النسخ الأخرى.
(٢) رواه البخاري في "صحيحه" رقم (٥٨١١)، ومسلم في "صحيحه" رقم (٢١٦) من حديث أبي هريرة.
(٣) كذا في الأصول، وفي بعض المطبوعات: "في الفقر المذكور. . " وهو أوجه للسياق.
(٤) ما بين المعقوفين ساقط من الأصل، واستدركته من النسخ الأخرى.

<<  <  ج: ص:  >  >>