للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

توهّموه، وأن الفضل] (١) بالعلم لا بالمال.

وقال سبحانه: ﴿قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ (٥٨)[يونس: ٥٨]، ففضله ورحمته العلم والإيمان والقرآن، والذي يجمعونه هو المال وأسبابه.

ومثله قوله تعالى: ﴿أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ (٣٢)[الزخرف: ٣٢].

الوجه التاسع: أنه (٢) سبحانه أخبر أن التكاثر في جمع المال وغيره ألهى الناس وشغلهم عن الآخرة والاستعداد لها، وتوعّدهم على ذلك، فقال تعالى: ﴿أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ (١) حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ (٢) كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ (٣) ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ (٤) كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ﴾ [التكاثر: ١ - ٥].

فأخبر سبحانه أن التكاثر شغل أهل الدنيا وألهاهم عن اللَّه والدار الآخرة حتى حضرهم الموت، فزاروا المقابر، ولم يفيقوا من رقدة من ألهاه التكاثر، وجعل الغاية زيارة المقابر دون الموت إيذانًا بأنهم غير مستوطنين ولا مستقرين في القبور، وأنهم فيها بمنزلة الزائرين يحضرونها مدة ثم يظعنون عنها كما كانوا في الدنيا كذلك زائرين لها غير مستقرين فيها، ودار القرار هي الجنة أو النار.

ولم يعيّن سبحانه المتكاثر (٣) بل ترك ذكره إما لأنّ المذموم هو نفس


(١) ما بين المعقوفين من النسخ الثلاث الأخرى.
(٢) الأصل: "أنه أخبر. . " وهو تكرار.
(٣) في الأصل: "المكاثرة"، وفي (م) و (ن): "المتكاثر به". والمثبت من (ب).

<<  <  ج: ص:  >  >>