للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأعظم مما فسروها به، ولم يتفطنوا لوجه الإضراب بـ ﴿بَلْ﴾ ولا للأمر الذي بدا لهم وكانوا يخفونه، وظنوا أن الذي بدا لهم العذاب، فلما لم يروا ذلك ملتئمًا مع قوله: ﴿مَا كَانُوا يُخْفُونَ مِنْ قَبْلُ﴾ قدروا مضافًا محذوفًا وهو جزاء ﴿مَا كَانُوا يُخْفُونَ مِنْ قَبْلُ﴾، فدخل عليهم أمر آخر لا جواب لهم عنه وهو: أن القوم لم يكونوا يخفون شركهم وكفرهم، بل كانوا يظهرونه ويَدْعون إليه ويحاربون عليه.

ولما علموا أن هذا وارد عليهم، قالوا: إن القوم في بعض موارد القيامة ومواطنها أخفوا شركهم وجحدوه، وقالوا: ﴿وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ (٢٣)[الأنعام: ٢٣]، فلما وُقفوا على النار بدا لهم جزاء ذلك الذي أخفوه. قال الواحدي: وعلى هذا أهل التفسير (١).

ولم يصنع أرباب هذا القول شيئا؛ فإن السياق والإضراب بـ ﴿بَلْ﴾ والإخبار عنهم بأنهم لو ردّوا لعادوا مشركين لا يلتئم بهذا الذي ذكروه فتأمله (٢).

وقالت طائفة منهم الزجاج: بل بدا للأتباع ما أخفاه عنهم الرؤساء من أمر البعث (٣).

وهذا التفسير يحتاج إلى تفسير، وفيه من التكلف ما ليس بخافٍ.


= ١٢١ - ١٢٢)، و"تفسير القرطبي" (٦/ ٢٦٤).
(١) انظر مفاد الكلام السابق للواحدي في الوسيط (٢/ ٢٦٣).
(٢) في (ب): "بأنهم لو ردُّوا لعادوا لما نهوا عنه، وقولهم: ﴿وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ (٢٣)﴾ لا يلتئم بهذا الذي ذكروه فتأمّله".
وفيها زيادة غير ملائمة للسياق.
(٣) انظر كلام الزجاج في "زاد المسير" (٣/ ٢٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>