للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل

فلنرجع إلى تمام المناظرة. قالوا: فاللَّه تعالى حمى أولياءه عن الدنيا، وصانهم عنها، ورغب بهم عنها تكريمًا لهم، وتطهيرًا عن أدناسها، ورفعة عن دناءتها؛ وذمّها (١) لهم، وأخبرهم بهوانها عليه وسقوط قدرها عنده، وأعلمهم أن بسطها فتنة، وأنه سبب الطغيان والفساد في الأرض، وإلهاء التكاثر بها عن طلب الدار الآخرة، وأنها متاع الغرور، وذم محبيها ومؤثريها.

وأخبر أن من أرادها وأراد زينتها وحرثها فليس له في الآخرة من نصيب (٢).

وأخبر أن بسطها فتنة وابتلاء لا كرامة ومحبة، وأن إمداد أهلها بها ليس مسارعة لهم في الخيرات، وأنها لا تقرب إليه ولا تزلف لديه (٣)، وأنه لولا تتابع الناس في الكفر لأعطى الكفار منها فوق مناهم، ووسعها عليهم أعظم التوسعة بحيث يجعل سقوف بيوتهم وأبوابهم ومعارجهم وسررهم كلها من فضة، وأخبر أنه زينها لأعدائه ولضعفاء العقول الذين لا نصيب لهم في الآخرة (٤)، ونهى رسوله عن مد عينيه إليها وإلى ما متع


(١) في الأصل: "وذمًّا"، والتصويب من النسخ الثلاث الأخرى.
(٢) إشارة إلى قوله تعالى: ﴿مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ (٢٠)﴾ [الشورى: ٢٠].
(٣) يريد قوله تعالى: ﴿أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مَالٍ وَبَنِينَ (٥٥) نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْرَاتِ بَلْ لَا يَشْعُرُونَ (٥٦)﴾ [المؤمنون: ٥٥ - ٥٦].
(٤) وذلك في قوله تعالى: ﴿وَلَوْلَا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً لَجَعَلْنَا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمَنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفًا مِنْ فِضَّةٍ وَمَعَارِجَ عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ (٣٣) وَلِبُيُوتِهِمْ أَبْوَابًا وَسُرُرًا عَلَيْهَا يَتَّكِئُونَ (٣٤) وَزُخْرُفًا وَإِنْ كُلُّ ذَلِكَ لَمَّا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةُ عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ (٣٥)﴾ [الزخرف: =

<<  <  ج: ص:  >  >>