للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

به أهلها (١)، وذم من أذهب طيباته فيها واستمتع بها (٢).

وقال لنبيه: ﴿ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (٣)[الحجر: ٣] وفي هذا تعزية (٣) لما منعه أولياءه من التمتع بالدنيا وكثرة الأكل فيها، وتأديبًا لمن بسط له فيها ألا يطغى فيها ولا يعطي نفسه شهواتها ولا يتمتع بها.

وذم سبحانه محبيها المفتخرين بها المتكاثرين بها الظانين أن الفضل

والكرامة في سعتها وبسطها، فأكذبهم اللَّه سبحانه، وأخبر أنه ليس كما قالوه ولا توهّموه، ومثّلها لعباده بالأمثلة التي تدعو كل لبيب عاقل إلى الزهد فيها وعدم الوثوق بها والركون إليها، فأحضر صورتها وحقيقتها في قلوبهم بما ضربه له مثلًا، كماء أنزله (٤) من السماء فخالط نبات الأرض، فلما أخذت به الأرض زخرفها وتزيّنت به بأنواع النبات أتاها أمره فجعل تلك الزينة يبسًا هشيمًا تذروه الرياح كأن لم يكن قط منه شيء (٥).


= ٣٣ - ٣٥].
(١) وذلك في قوله تعالى: ﴿لَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ (٨٨)﴾ [الحجر: ٨٨].
وقوله تعالى: ﴿وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى (١٣١)﴾ [طه: ١٣١].
(٢) قال تعالى: ﴿وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِهَا فَالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِمَا كُنْتُمْ تَفْسُقُونَ (٢٠)﴾ [الأحقاف: ٢٠].
(٣) في (م) و (ن): "معرفة".
(٤) الأصل: "أنزلناه".
(٥) إشارة إلى قوله تعالى: ﴿إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ =

<<  <  ج: ص:  >  >>