للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل

وخامسها: أن محبتها تُجعل أكبر همّ العبد، وقد روى الترمذي في جامعه من حديث أنس بن مالك قال: قال رسول اللَّه : "من كانت الآخرة أكبر همّه جعل اللَّه غناه في قلبه وجمع له شمله، وأتته الدنيا وهي راغمة، ومن كانت الدنيا همّه جعل اللَّه فقره بين عينيه، وفرّق عليه شمله، ولم يأته من الدنيا إلا ما قُدّر له" (١).

وسادسها: أن محبّها أشد الناس عذابًا، وهو معذب في دُوره الثلاث؛ يعذّب في الدنيا بتحصيلها والسعي فيها ومنازعة أهلها، وفي دار البرزخ بفواتها والحسرة عليها وكونه قد حيل بينه وبين محبوبه على وجه لا يرجو اجتماعه به أبدًا، ولم يحصل له هناك محبوب يعوّضه عنه، فهو أشد الناس عذابًا في قبره، يعمل الهمّ والغمّ والحزن والحسرة في روحه ما تعمل الديدان وهوام الأرض في جسمه.

كما قال الإمام أحمد: حدثنا إسماعيل بن عبد الكريم حدثنا عبد الصمد بن معقل عن وهب بن منبه: "أن حزقيل كان ممن سبى بختنصر"، فذكر عنه حديثًا طويلًا وفي آخره، قال: "فبينا أنا نائم على شطّ الفرات إذ أتاني ملك فأخذ برأسي فاحتملني حتى وضعني بقاع من الأرض، قد كانت معركة، قال: وإذا فيه عشرة آلاف قتيل قد بدّدت الطير والسباع لحومهم وفرّقت أوصالهم. قال لي: إن


= الذهبي بقوله: "فيه انقطاع".
(١) "جامع الترمذي" رقم (٢٤٦٥). وحسنه الألباني في "سلسلة الأحاديث الصحيحة" برقم (٩٤٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>