للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل

وسابعها: أن عاشقها ومحبها الذي يؤثرها على الآخرة من أسفه الخلق وأقلّهم عقلًا (١)، إذ آثر الخيال على الحقيقة، والمنام على اليقظة، والظل الزائل على النعيم الدائم، والدار الفانية على الدار الباقية، وباع حياة الأبد في أرغد عيش بحياة إنما هي

أحلامُ نومٍ أو كظلٍّ زائلٍ … إنّ اللبيبَ بمثلها لا يُخدَعُ (٢)

كما نزل أعرابي بقوم فقدّموا له طعامًا فأكل، ثم قام إلى ظل خيمة فنام، فاقتلعوا الخيمة فأصابته الشمس، فانتبه وهو يقول:

وإن امرأً دنياه أكبرُ همّه … لَمستمسكٌ منها بحبل غرورِ (٣)

وكان بعض السلف يتمثل بهذا البيت:

يا أهلَ لذّاتِ دنيا لا بقاء لها … إن اغترارًا بظلّ زائل حمق (٤)


(١) في الأصل بعد هذه الكلمة زيادة: "ومحبها الذي يؤثرها". وحذفها أصوب، وهو بذلك يوافق النسخ الثلاث الأخرى، واللَّه أعلم.
(٢) من أربعة أبيات لعمران بن حطّان الخارجي في "روضة العقلاء" لابن حبان ص (٢٨٧).
(٣) نسب هذا البيت لهاتف من الهواتف في: "الهواتف" لابن أبي الدنيا رقم (٨٨)، و"ذم الدنيا" له أيضًا رقم (٢٦) وهو يشبه بيتًا للشويعر الحنفي -وقد أنشده له ثعلب- صدره:
وإن الذي يمسي ودنياه همّه
انظر: "المؤتلف والمختلف" للآمدي ص (٢١٠).
(٤) روى ابن أبي الدنيا في "ذم الدنيا" رقم (٢٤)، عن الحسن بن على أنه كان كثيرًا ما ينشده.

<<  <  ج: ص:  >  >>