للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال يونس بن عبد الأعلى: "ما شبّهت الدنيا إلا كرجل نام فرأى في منامه ما يكره وما يحبّ، فبينا هو كذلك انتبه" (١).

وقال ابن أبي الدنيا: حدثني أبو على الطائي حدثنا عبد الرحمن المحاربي عن ليث قال: رأى عيسى ابن مريم الدنيا في صورة عجوز عليها من كل زينة، فقال لها: كم تزوّجت؟ قالت: لا أحصيهم، قال: فكلُّهم مات عنك أو كلهم طلّقك؟ قالت: بل كلُّهم قتلتُه. فقال عيسى: "بؤسًا لأزواجك الباقين، كيف لا يعتبرون بأزواجك الماضين كيف تهلكينهم واحدًا واحدًا، ولا يكونوا منك على حذر" (٢).

أرى أشقياء الناس لا يسأمونها … على أنهم فيها عراة وجُوَّعُ

أراها وإن كانت تُحَبّ فإنها … سحابة صيف عن قليل تَقشّعُ (٣)

أشبه الأشياء بالدنيا الظلّ، تحسب له حقيقة ثابتة وتحسبه ساكنًا، وهو في تقلّص وانقباض، وتتبعه لتدركه فلا تلحقه.

وأشبه الأشياء بها السراب ﴿يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا وَوَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ (٣٩)[النور: ٣٩].

وأشبه الأشياء بها المنام يرى فيه العبد ما يحب وما يكره، فإذا


(١) رواه ابن أبي الدنيا في "ذم الدنيا" رقم (٢١)، عن يونس بن عبيد.
فلعل ما وقع هنا من نسبته ليونس بن عبد الأعلى خطأ، واللَّه أعلم.
(٢) "ذم الدنيا" رقم (٢٧).
(٣) البيتان لعمران بن حطان الخارجي، انظرهما في: "ذم الدنيا" لابن أبي الدنيا رقم (١٩٠) و (٢٤٠)، و"حلية الأولياء" (٦/ ٣٧٣ - ٣٧٤)، و"تاريخ دمشق" (٤٣/ ٤٩٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>