للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

استيقظ علم أن ذلك لا حقيقة له.

وأشبه الأشياء بها امرأة عجوز شوهاء قبيحة المنظر والمخبر، غدّارة بالأزواج، تزيّنت للخُطّاب بكل زينة، وسترت كل قبيح، فاغتر بها من لم يجاوز بصره ظاهرها، فطلب النكاح، فقالت: لا مهر إلا نقد الآخرة، فإنا ضرّتان واجتماعنا غير مأذون فيه ولا مستباح. فآثر الخاطب العاجلة وقال: ما على من واصل حبيبته من جناح، فلما كشف قناعها وحلّ إزارها إذا كل آفة وبليّة، فمنهم من طلّق واستراح، ومنهم من اختار المقام فما استتمت ليلة عرسه إلا بالعويل والصّياح، تاللَّه لقد أذّن مؤذنها على رؤوس الخلائق بحيّ على غير الفلاح، فقام المجتهدون والمصلّون لها فواصلوا في طلبها الغدوّ بالرّواح، وسروا ليلهم فلم يحمد القوم السرى عند الصباح، طاروا في صيدها فما رجع أحد منهم إلا وهو مكسور الجناح، فوقعوا في شبكتها فأسلمتهم للذّبّاح.

قال ابن أبي الدنيا: حدثنا محمد بن علي بن شقيق حدثنا إبراهيم بن الأشعث قال: سمعت الفضيل بن عياض قال: قال ابن عباس: "يؤتى بالدنيا يوم القيامة في صورة عجوز شمطاء زرقاء أنيابها بادية مشوّه خلقها، فتشرف على الخلائق، فيُقال: تعرفون هذه؟ فيقولون: نعوذ باللَّه من معرفة هذه. فيُقال: هذه الدنيا التي تشاجرتم عليها، بها تقاطعتم الأرحام، وبها تحاسدتم وتباغضتم واغتررتم، ثمّ تُقذف في جهنّم فتقول: يا رب أين أتباعي وأشياعي. فيقول اللَّه ﷿: ألحقوا بها أتباعها وأشياعها" (١).


(١) "ذم الدنيا" رقم (١٢٣).
ورواه ابن الأعرابي في "الزهد وصفة الزاهدين" رقم (٧٠)، والبيهقي =

<<  <  ج: ص:  >  >>