للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال المسيح: "لا تتخذوا الدنيا ربًّا فتتخذكم الدنيا عبيدًا. اعبروها ولا تعمروها، واعلموا أن أصل كل خطيئة حب الدنيا، ورب شهوة أورثت أهلها حزنًا طويلًا. ما سكنت الدنيا في قلب عبد إلا التاط قلبُه منها بثلاث: شغل لا ينفك عناؤه، وفقر لا يدرك غناؤه، وأمل لا يدرك منتهاه. الدنيا طالبة مطلوبة، فطالب الآخرة تطلبه الدنيا حتى يستكمل فيها رزقه، وطالب الدنيا تطلبه الآخرة حتى يجيء الموت فيأخذ بعنقه. يا معشر الحواريين ارضوا بدنيء الدنيا مع سلامة الدين، كما رضي أهل الدنيا بدنيء الدين مع سلامة الدنيا" (١).

وقال ابن أبي الدنيا: حدثنا هارون بن عبد اللَّه حدثنا سيار حدثنا جعفر حدثنا مالك بن دينار قال: قال أبو هريرة: "الدنيا موقوفة (٢) ما بين


(١) أقوال المسيح التي ساقها الإمام ابن القيم هنا هي أقوال مفرقة، قد جمعها الإمام ابن القيم في سياق واحد، وهي كالتالي:
• قوله: "لا تتخذوا الدنيا ربًّا فتتخذكم الدنيا عبيدًا". رواه ابن أبي الدنيا في "ذم الدنيا" رقم (٣١).
• وقوله: "اعبروها. . . حزنًا طويلًا". رواه ابن أبي الدنيا في "ذم الدنيا" رقم (٣٢)، (٣٣)، وأبو نعيم في "حلية الأولياء" (٨/ ١٤٥)، (١٤٥ - ١٤٦)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" (٤٧/ ٤٢٦)، (٤٢٨)، (٤٢٩).
• وأما قوله: "ما سكنت الدنيا. . . فيأخذ بعنقه". فقد رواه ابن أبي الدنيا في "ذم الدنيا" رقم (٣٥)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" (٤٧/ ٤٢٩).
• وأما قوله: "يا معشر الحواريين ارضوا. . . سلامة الدنيا". فقد رواه ابن أبي الدنيا في "ذم الدنيا" رقم (٤٤٩)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" (٤٧/ ٤٤١).
(٢) في الأصل محتملة هذه الكلمة لـ "مرقوفة"، وعلى كلّ حال فالمثبت من النسخ الثلاث الأخرى.

<<  <  ج: ص:  >  >>