للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتعظيمك وإكرامك، فقابليه بأمثاله قلًى وإهانة وهجرًا حتى تتقطَّع نفسُه عليكِ حسرات.

فتأمل هذا المثل، وحال خطاب الدنيا وخطاب الآخرة، واللَّه المستعان.

وهذا المثل مأخوذ من الأثر المرويّ عن اللَّه ﷿: "يا دنيا اخدمي من خدمني، واستخدمي من خدمك" (١).

فصل

المثال التاسع عشر: ملك اختط مدينة في أصح المواضع وأحسنها هواء، وأكثرَ مياهَها (٢) وشقَّ أنهارَها وغرس أشجارها، وقال لرعيته: تسابقوا إلى أحسن الأماكن فيها، فمن سبق إلى مكان فهو له، ومن تخلف سبقه الناس إلى المدينة، وأخذوا منازلهم، وتبوأوا مساكنهم، وبقي مع أصحاب الحسرات. ونصب لهم ميدان السباق، وجعل على الميدان شجرة كبيرة لها ظلٌّ مديد وتحتها مياه جارية، وفي الشجرة من أنواع الفواكه وعليها الطيور العجيبة الأصوات، وقال لهم: لا تغتروا بهذه الشجرة وظلها، فعن قليل تُجْتثّ من أصلها، ويذهب ظلها، وينقطع ثمرها، وتموت أطيارها، وأما مدينة الملك؛ فأُكُلها دائم، وظلها مديد، ونعيمها سرمد، وفيها ما لا عين رأت، ولا أذن


(١) أخرجه: القضاعي في "مسند الشهاب" رقم (١٤٥٤)، والخطيب البغدادي في "تاريخ بغداد" (٨/ ٤٤) من حديث عبد اللَّه بن مسعود مرفوعًا.
وحكم عليه بالوضع الخطيب بعد روايته له. وكذلك الألباني في "سلسلة الأحاديث الضعيفة" رقم (١٢)، (٨٠٨).
(٢) في النسخ الأخرى: "وأكثرها مياهًا". مكان: "وأكثر مياهها".

<<  <  ج: ص:  >  >>