للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى الظلّ الظليل الذي [لا يزول، والعيش الهنيء الذي] (١) لا ينقطع إلا من أعجز العجز، وهل يليق بالمسافر إذا استراح تحت ظل أن يضرب خباءه عليه ويتخذه وطنه خشية التأذي بالحرّ والبرد؟! وهل هذا إلا أسفه السفه؟! السباق السباق والبدار البدار.

حكم المنيّة في البرية جاري … ما هذه الدنيا بدار قرارِ

قضوا مآربكم سراعًا إنّما … أعمارُكم سَفَرٌ من الأَسفارِ

وتراكضوا خَيْلَ السّباقِ وبادروا … أن تُسْتَرَدَّ فإنَّهن عَواري

ودعوا الإقامة تحت ظلٍّ زائلٍ … أنتم على سَفرٍ بهذي الدّارِ

من يرجُ طِيبَ العَيْشِ فيها إنما … يبني الرّجاءَ على شَفيرٍ هارِ

والعَيْشُ كُلُّ العَيْشِ بعد فِراقِها … في دارِ أَهْلِ السَّبْقِ أكْرَمِ دارِ (٢)

فاقتحموا حلبة السباق، ولم يستوحشوا من قلة الرفاق، ساروا في ظهور العزائم، ولم تأخذهم في سيرهم لومة لائم، والمتخلف في ظل الشجرة نائم.


(١) ما بين المعقوفين ساقط من الأصل، وأثبته من النسخ الأخرى.
(٢) الأبيات الثلاثة الأولى وعجز البيت الخامس هي لأبي الحسن التهامي "ديوانه": (ص/ ١٥٥) في قصيدته المشهورة التي يرثي فيها ابنه، التي وصفها الحموي بقوله: "وهي نسيج وحدها، وواسطة عقدها".
انظر: "الحماسة المغربية" (٢/ ٨٦٧) وما بعدها، و"الذخيرة في محاسن أهل الجزيرة" (٨/ ٥٤٤ - ٥٤٥)، و"خزانة الأدب" للحموي (١/ ٣٥).
أما الأبيات الباقية فأظنها من تركيب ابن القيم، لتوافق المثل الذي ساقه، واللَّه أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>