للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جهتكم، وهو صريح في تفضيل (١) هذا الجانب لمن أنصف، فإن قوله: ﴿ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ﴾ خرج جوابًا للفقراء عن قولهم: إن أهل الدثور قد ساووهم في الذكر كما ساووهم في الصلاة والصوم والإيمان وبقيت مزية الإنفاق، لم يحصل لنا ما نلحقهم فيها، وما علمتناه من الذكر قد لحقونا فيه، فقال لهم حينئذ: ﴿ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ﴾ وهذا صريح جدًّا في مقصوده، فلما انكسر القوم بتحقق السبق بالإنفاق الذي عجزوا عنه، خبرهم بالبشارة بالسبق إلى دخول الجنة بنصف يوم، وأن هذا السبق في مقابلة ما فاتكم من فضيلة الغنى والإنفاق، ولكن لا يلزم من ذلك رفعتهم عليهم في المنزلة والدرجة، فهؤلاء السبعون الألف الذين يدخلون الجنة بغير حساب، مِنَ الموقوفين للحساب من هو أفضل من أكثرهم وأعلى منه درجة.

قالوا: وقد سمّى اللَّه سبحانه المال خيرًا في غير موضع من كتابه، كقوله: ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ﴾ [البقرة: ١٨٠]، وقوله: ﴿وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ (٨)[العاديات: ٨].

وأخبر رسول اللَّه : "أن الخير لا يأتي إلا بالخير" كما تقدم (٢)، وإنما يأتي بالشر معصية اللَّه في الخير لا نفسه.

وأعلم اللَّه سبحانه أنه جعل المال قوامًا للأنفس، وأمر بحفظها، ونهى أن يؤتوا السفهاء من النساء والأولاد وغيرهم (٣)، ومدحه النبي


(١) هذه الكلمة مكررة في الأصل.
(٢) سبق ص (٤٥٢).
(٣) فقال تعالى: ﴿وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا (٥)﴾ [النساء: ٥].

<<  <  ج: ص:  >  >>