للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اشتكى فقراء المهاجرين إلى رسول اللَّه ما فضل به أغنياؤهم، فقالوا: يا رسول اللَّه إخواننا صدّقوا تصديقنا، وآمنوا إيماننا، وصاموا صيامنا، ولهم أموال يتصدقون منها، ويصِلون منها الرحم، وينفقونها في سبيل اللَّه، ونحن مساكين لا نقدر على ذلك، فقال: "ألا أخبركم بشيء إذا أنتم فعلتموه أدركتم مثل فضلهم، قولوا: اللَّه أكبر في دبر كل صلاة إحدى عشرة مرة، والحمد للَّه مثل ذلك، ولا إله إلا اللَّه مثل ذلك، وسبحان اللَّه مثل ذلك، تدركون مثل فضلهم"، ففعلوا، فذكروا ذلك للأغنياء ففعلوا مثل ذلك، فرجع الفقراء إلى رسول اللَّه فذكروا ذلك، فقالوا: هؤلاء إخواننا فعلوا مثل ما نقول، فقال: "ذلك فضل اللَّه يؤتيه من يشاء، يا معشر الفقراء ألا أبشركم أن فقراء المسلمين يدخلون الجنة قبل أغنيائهم بنصف يوم، خمسمائة عام". وتلا موسى بن عبيدة ﴿وَإِنَّ يَوْمًا عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ (٤٧)[الحج: ٤٧] (١).

قالوا: فهذا خبر واحد، وكلام متصل، ذَكَرَهُ بشارة لهم عند ما ذكروا مساواة الأغنياء لهم في القول المذكور، فأشبه أن يرجع الفضل إلى سبق الفقراء للأغنياء، وأنهم بهذه البشارة مخصوصون، فكان السبق لهم دون غيرهم، وإن تساووا في القول، وساووهم في الإنفاق في النية، كما في حديث أبي كبشة المتقدم (٢)، وخلصت لهم مزية الفقر.

قالت الأغنياء: قد بالغتم في صرف الحديث عن مقصوده إلى


(١) "مسند البزار" -كما في "كشف الأستار" (٣٠٩٤) -.
وأخرجه ابن ماجه في "سننه" رقم (٤١٢٤) من طريق موسى بن عبيدة به مختصرًا.
(٢) ص (٤٨٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>