للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

محض من كل وجه لربه ﷿، والعبد] (١) لا مال له فيُورث عنه فجمع اللَّه له سبحانه بين أعلى أنواع الغنى وأشرف أنواع الفقر، فكمّل له مراتب الكمال، فليست إحدى الطائفتين بأحق به من الأخرى، فكان في فقره أصبر خلق اللَّه وأشكرهم له، وكذلك كان في غناه.

واللَّه تعالى جعله قدوة للأغنياء والفقراء، وأي غنى أعظم من غنى من عرضت عليه مفاتيح كنوز الأرض (٢)، وعرض عليه أن يجعل له الصفا ذهبًا (٣)، وخيّر بين أن يكون ملكًا نبيّا وبين أن يكون عبدًا نبيًّا، فاختار أن يكون عبدًا نبيًّا (٤)، ومع هذا فجُبيت إليه أموال جزيرة العرب واليمن، فأنفقها كلّها ولم يستأثر منها بشيء، بل تحمّل عيال المسلمين


(١) ما بين المعقوفين ساقط من الأصل، واستدركته من النسخ الثلاث الأخرى.
(٢) روى الطبراني في "الأوسط" رقم (٦٩٣٧) عن ابن عباس: "أن إسرافيل أتى رسول اللَّه فقال: إن اللَّه سمع ما ذكرت فبعثني إليك بمفاتيح خزائن الأرض. . . " الحديث.
وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (١٠/ ٣١٥): "رواه الطبراني في الأوسط، وفيه سعدان بن الوليد ولم أعرفه، وبقية رجاله رجال الصحيح". وضعفه الألباني في "ضعيف الترغيب والترهيب" رقم (١٩٠٨).
(٣) روى أحمد في "المسند" (١/ ٢٤٢)، والحاكم في "المستدرك" (١/ ٥٣)، عن ابن عباس قال: "قالت قريش للنبي : ادع ربك أن يجعل لنا الصفا ذهبًا ونؤمن بك. . . " الحديث وفيه: "فأتاه جبريل فقال: إن اللَّه يقرأ عليك السلام ويقول: إن شئت أصبح الصفا ذهبًا. . . وإن شئت فتحت لهم أبواب التوبة والرحمة. قال: بل باب التوبة والرحمة".
وصححه الحاكم بعد روايته له.
(٤) رواه أحمد في "المسند" (٢/ ٢٣١)، وأبو يعلى في "مسنده" رقم (٦١٠٥)، وابن حبان في "صحيحه" رقم (٦٣٦٥) بلفظ: "عبدًا رسولًا". وصححه الألباني في "سلسلة الأحاديث الصحيحة" برقم (١٠٠٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>