للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل

ويضاد الصبر الهلع، وهو: الجزع عند ورود المصيبة، والمنع عند ورود النعمة قال تعالى: ﴿إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا (١٩) إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا (٢٠) وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا (٢١)[المعارج: ١٩ - ٢١].

وهذا تفسير الهلوع قال الجوهري: الهلع: أفحش الجزع، وقد هلِع بالكسر، فهو هَلِعٌ وهلوع، وفي الحديث: "شر ما في العبد شحٌّ هالع، وجبن خالع" (١) (٢).

قلت: هنا أمران: أمر لفظي. وأمر معنوي.

فأما اللفظي: فإنه وَصَف الشح بكونه هالعًا والهالع صاحبه، وأكثر ما يُسمى هلوعًا، ولا يُقال: هالع له؛ فإنه لا يتعدى، ففيه وجهان:

أحدهما: أنه على النسب، كقولهم: ليل نائم، وسرٌّ كاتم، ونهار صائم، ويوم عاصف، كله عند سيبويه على النسب (٣)، أي: ذو كذا، كما قالوا: تامر، ولابن.

والثاني: أن اللفظة غُيّرت عن بابها للازدواج مع خالع، وله نظائر.

وأما المعنوي: فهو أن الشحّ والجبن أردأ صفتين في العبد، ولا سيما إذا كان شحه هالعًا، أي: مُلق له في الهلع، وجبنه خالعًا، أي: قد


(١) رواه أبو داود في "سننه" رقم (٢٥١١). من حديث أبي هريرة .
وصححه ابن حبان فأخرجه في "صحيحه" برقم (٢٣٥٠). وصححه الألباني في "سلسلة الأحاديث الصحيحة" برقم (٥٦٠).
(٢) "الصحاح" (٣/ ١٣٠٨).
(٣) انظر: "لسان العرب" (١/ ٧٥٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>