الذي كتبه أن رحمته تغلب غضبه (١)، ﴿إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ (٣٤)﴾.
يطاع فيشكر وطاعته من توفيقه وفضله، ويعصى فيحلم ومعصية العبد من ظلمه وجهله، ويتوب إليه فاعل القبيح فيغفر له، حتى كأنه لم يكن قط من أهله، ﴿إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ (٣٤)﴾.
الحسنة عنده بعشرة أمثالها أو يضاعفها بلا عدد ولا حسبان، والسيّئة عنده بواحدة ومصيرها إلى العفو والغفران، وباب التوبة مفتوح لديه منذ خلق السماوات والأرض إلى آخر الزمان، ﴿إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ (٣٤)﴾.
بابه الكريم مناخ الآمال ومحطُّ الأوزار، وسماء عطاياه لا تقلع عن الغيث بل هي مدرار، ويمينه ملأى لا تغيضها نفقة سَحَّاء الليل والنهار، ﴿إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ (٣٤)﴾.
لا يُلقى وصاياه إلا الصابرون، ولا يفوز بعطاياه إلا الشاكرون، ولا يهلك عليه إلا الهالكون، ولا يشقى بعذابه إلا المتمرّدون، ﴿إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ (٣٤)﴾.
فإياك أيها المتمرد أن يأخذك على غرّة فإنه غيور، وإذا أقمت على معصيته وهو يمدّك بنعمته فاحذره فإنه لم يهملك لكنه صبور، وبشراك أيها المحسن التائب بمغفرته ورحمته، ﴿إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ (٣٤)﴾.
ومن علم أن الرب شكور تنوع في معاملته، ومن عرف أنه واسع
(١) روى البخاري في "صحيحه" رقم (٣١٩٤)، ومسلم في "صحيحه" رقم (٢٧٥١)، عن أبي هريرة ﵁ أن النبي ﷺ قال: "لما خلق اللَّه الخلق كتب في كتابه، فهو عنده فوق العرش: إن رحمتي تغلب غضبي".