المغفرة تعلق بأذيال مغفرته، ومن علم أن رحمته سبقت غضبه لم ييأس من رحمته، ﴿إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ (٣٤)﴾.
من تعلق بصفة من صفاته أخذت بيده حتى تدخله عليه، ومن سار إليه بأسمائه الحسنى وصل إليه، ومن أحبه أحب أسماءه وصفاته، وكانت آثر شيء لديه.
حياة القلوب في معرفته ومحبته، وكمال الجوارح في التقرّب إليه بطاعته، والقيام بخدمته، والألسنة في ذكره والثناء عليه بأوصاف مدحته، فأهل شكره أهل زيادته، وأهل ذكره أهل مجالسته، وأهل طاعته أهل كرامته، وأهل معصيته لا يقنطهم من رحمته، إن تابوا فهو حبيبهم، وإن لم يتوبوا فهو طبيبهم، يبتليهِم بأنواع المصائب، ليكفّر عنهم الخطايا ويطهرهم من المعايب، ﴿إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ (٣٤)﴾.
فالحمد للَّه رب العالمين، حمدَا كثيرًا طيّبًا مباركًا فيه كما يحب ربنا ويرضى، وكما ينبغي لكرم وجهه وعز جلاله، حمدًا يملأ السماوات والأرض وما بينهما، وما شاء ربنا من شيء بعد، بمجامع محامده كلها ما علمنا منها وما لم نعلم، على نِعَمِه كلِّها ما عَلمنا منها وما لم نعلم، عدد ما حمده الحامدون، وغَفل عن ذكره الغافلون، وعدد ما جرى به قلمُه، وأحصاه كتابُه، وأحاط به علمه.
وصلى اللَّه على عبده ورسوله محمد نبي الرحمة وإمام المتقين وقائد الخير، وسلم تسليمًا كثيرًا، وحسبنا اللَّه ونعم الوكيل.