للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هذه الإشكالات وهذا الخلاف الكبير بين أهل العلم سببه النصوص الواردة في الباب، يعني تأتي المستحاضة فتسأل النبي -عليه الصلاة والسلام- واستحيض في زمنه -عليه الصلاة والسلام- سبع كما هو معروف فسألته إحداهن فردها إلى العادة ((فإذا أقبلت أيام أقرائك)) ردها إلى عادتها، وسألته أخرى فردها إلى التمييز، وسألته ثالثة فردها أن تتحيض ستاً أو سبعاً، فمثل هذه الأحاديث مع عدم الاستفصال لا شك أنه يورث مثل هذا الخلاف، فكل عالم يتمسك بنص، لكن إذا أمكن حمل هذه الإجابات على أحوال لا شك أن مثل هذا يكون أولى؛ لأنه يقتضي العمل بجميع الأحاديث، لكن لو ردت إلى التمييز مطلقاً، أو ردت إلى عادتها هي مطلقاً، أو ردت إلى عادة غيرها مطلقاً، ترتب على ذلك إلغاء بعض النصوص وهي صحيحة، فعلى هذا تقدم العادة أو التمييز؟ هل تقدم على عادتها؟ نعرف أن عادة غيرها لن تلجأ إليها إلا إذا لم تكن معتادة ولا مميزة؛ لأنه لا يمكن أن ترد إلى عادة غيرها مع أن لها عادة، ترد إلى عادة غيرها، تتحيض ستاً أو سبعاً إذا لم تكن هي معتادة، أو لها عادة فنسيتها، ولم تكن مميزة، لكن هل يمكن أن يقال لامرأة مميزة يأتيها دم أسود ثلاثة أيام وباقيه يتغير الدم ونقول لها: اجلسي ستة أيام أو سبعة مع أنها مميزة؟ لا، إذا كان لها عادة هي نفسها لها خمسة أيام معتادة، هل نقول لها: اجلسي ستاً أو سبعاً؟ لا؛ لأن ما يتعلق بها أولى مما يتعلق بغيرها، وكذلك إذا وجد عادة نسائها، يعني عادة أمها، عادة أختها، عادة خالتها، عادة عمتها، أولى من أن تحال إلى الأجنبيات؛ لأنها بأقاربها أشبه، فعندنا إن كانت مميزة تعمل بالتمييز، إن كانت معتادة بنفسها تعمل بعادتها، إن كان لأهلها عادة مستقرة يختلفن فيها عن عادة الناس فهن أولى بها، إن كان لغيرهم أو للعموم عادة، وهذا هو الذي جاء فيه ست أو سبع فتعمل بهذا كما في التوجيه النبوي.

ثم بعد ذلك أيهما أولى إذا كانت معتادة ومميزة فما الذي يقدم؟ عادتها ستة أيام، ثم لما استحيضت جاءها الدم خمسة أيام أسود ثخين، ثم بعد ذلك لما انتهى اليوم الخامس صار أحمر، تعمل بالعادة أو تعمل بالتمييز؟