لأن العبرة في شرعية هذا العمل المزيد، مما لا يوجد نظيره في النقص، مسائل التشريك في العبادات مسائل شائكة ومتنوعة، فمنها ما يجوز اتفاقاً، ومنها ما يختلف فيه، ومنها ما لا يجوز اتفاقاً، عمر -رضي الله تعالى عنه- ثبت عنه أنه يجهز الجيش وهو يصلي، وهذا تشريك عبادة بعبادة، التشريك بالنسبة للداخل فرق بين أن يكون من باب الإحسان إليه، مما يرجى ثوابه عند الله -جل وعلا-، وبين أن يراءى فيه هذا الداخل، لو أن الإمام سمع داخل، وعرف أن فلاناً من علية القوم، وما أشبه ذلك سوف يأتي، ثم أطال الركوع من أجله لا بالنظر إلى الإحسان إليه، هذا لا شك أن مثل هذا التشريك حرام، بل قد يبطل الصلاة، تشريك عبادة بمحظور، بينما الصورة التي معنا تشريك عبادة بعبادة؛ لأن الإحسان عبادة، هناك تشريك عبادة بمباح، تشريك عبادة بمكروه، وتشريك عبادة بمحظور، وذكرت مثال في أكثر من مناسبة، ولعلي ذكرته في هذا الدرس، أن شخصاً من الناس يصلي في المسجد الحرام في ليالي العشر صلاة التهجد في الدور الثاني، ويطل على المطاف، وينظر إلى الناس يموجون، فيبكي لهذا المنظر، لا يبكي لقراءة الإمام، الذي بجواره يبكي لقراءة الإمام، وهو يبكي لهذا المنظر، ماذا عن صلاته؟ هل نقول: إن هذا تشريك عبادة بعبادة؛ لأنه تصور موجان الناس في هذا الموقف مما ذكره بالموقف الأعظم؟ هذا لا شك أنه تشريك عبادة بعبادة، فهل لمثل هذا من أثر على الصلاة؟ يؤثر في الصلاة وإلا ما يؤثر؟ لا يؤثر، لكن إن بكى لا من خشية الله -جل وعلا-، تذكر مصيبة مثلاً، بكى أو انتحب، أو حصل له شيء من ذلك لا من خشية الله -جل وعلا-، أهل العلم يقولون: إن مثل هذا البكاء يؤثر في الصلاة.
هذه المسائل الدقيقة التي تحتاج إلى تحرير، لو أن الإخوان راجعوا فيها مسائل التشريك في الفروق للقرافي وجدوا بعض التفصيلات التي تعينهم على فهم هذه المسألة.
على كل حال انتظار الداخل من باب الإحسان إليه لا إشكال فيه، إذا لم يشق على المأمومين؛ لأن مراعاة السابق المدرك للصلاة أولى من مراعاة المفرط اللاحق الذي فاته شيء منها بلا إشكال، فإذا شق على المأمومين مُنع.