وحق الخطاب أن يكون مع مخاطب معين ثم يترك على غير معين كما تقول فلان لئيم إن أكرمته أهانك وإن أحسنت إليه أساء إليك فلا تريد مخاطبا بعينه كأنك قلت إن أكرم أو أحسن إليه قصدا على أن سوء معاملته لا يختص واحداً دون واحد، وأنه في القرآن كثير يحمل قوله تعالى " ولو ترى إذ المجرمون ناكسوا رءوسهم " على العموم قصدا على تفظيع حال المجرمين وأن قد بلغت من الظهور على حيث يمتنع خفاؤها ألبتة فلا تختص رؤية راء دون راء بل كل من يتأنى منه الرؤية فله مدخل في هذا الخطاب وكذا أمثال له، أو كان المسند إليه في ذهن السامع لكونه مذكورا أو في حكم المذكور لقرائن الأحوال ويراد الإشارة إليه كنحو قوله:
من البيض الوجوه بني سنان ... لو أنك تستضيء بهم أضاءوا
هم حلوا من الشرف المعلى ... ومن حسب العشيرة حيث شاءوا
وقوله:
بيمن أبي إسحق طالت يد العلا ... وقامت قناة الدين واشتد كاهله
هو البحر من أي النواحي أتيته ... فلجته المعروف والبر ساحله
وقوله:
أرى الصبر محمودا وعنه مذاهب ... فكيف إذا ملم يكن عنه مذهب
هو المهرب المنجي لمن أحدقت به ... مكاره دهر ليس عنهن مهرب
وأما الحالة التي تقتضي كونه علما فهي إذا كان المقام مقام إحضار له بعينه في ذهن السامع ابتداء بطريق يخصه كنحو زيد صديق لك وعمرو عدو لك، وفي قوله: