للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومقصوده ذلك، فيجب ألا يكون بمنزلته، فلا يترتَّب عليه حكمه.

الوجه الرابع والعشرون: أنك إذا تأملتَ عامةَ الحيل وجدتَها دفعًا (١) للتحريم أو الوجوب، مع قيام المعنى المُقْتضي للوجوب أو التحريم، فيصير حرامًا من وجهين:

من جهة أن فيها فِعْل المحرَّم وترك الواجب.

ومن جهة أنها خِداع وتدليس، وخِلابة ومَكْر، ونفاق واعتقاد فاسد.

وهذا الوجه أعظمها إثمًا؛ لأنه بمنزلة البدع والنفاق، بخلاف الأول، فإنه بمنزلة سائر العُصاة.

وإذا استفرغ الرجلُ وُسْعَه وعمل بها كان معذورًا، فيمنع من لحوق (١٦٥/ ب) الذمِّ، [وإلا] (٢) كان المقتضي للذم قائم (٣)، ولهذا كان التغليظ على من يأمرُ بها ويدلُّ عليها متبوعًا في ذلك أعظم من التغليظ على من يعمل بها مقلِّدًا.

وهذا الوجه مما اعتمد عليه أحمد، قال أبو طالب: سمعتُ أبا عبد الله قال له رجل في "كتاب الحيل": إذا اشترى الرجل أمةً فأراد أن يقع بها، يُعتقها ثم يتزوجها؟ فقال أحمد: بلغني أن المهديَّ اشترى جارية فأعجبته، فقيل له: أعتقها وتزوجها، فقال:


(١) "الإبطال": "رفعًا".
(٢) "الأصل" و (م): "وإن"، والإصلاح من "الإبطال".
(٣) كذا، وصوابه: قائمًا.

<<  <   >  >>