للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حَلَف لا يطأ بساطًا، يُجْعل بساطين. وحَلَف لا يدخل الدار، يُحْمل. فجعل يعجبُ من ذلك؟!.

قلتُ: أليس حيلتنا فيها أن نتبع ما قالوا؟ قال: بلى هكذا هو. قلت: وليس هذا مِنَّا حِيْلة؟ قال: نعم (١).

فبيَّنَ الإمامُ أحمد أن من اتبع ما شُرِع له، وجاء عن السلف في معاني الأسماء التي علَّق بها الأحكام، ليس بمحتالٍ الحيلةَ المذمومة، وإن سُمِّيت حِيلة، وغرضه: الفرقُ بين سلوك الطريق المشروعة التي شُرِعت لحصول ذلك المقصود وبين غيرها، كما سيأتي بيانُه، وسيأتي تشديده في سائر أنواع الحِيل واحتجاجه على ردها في أثناء الأدلَّة، فنقول:

الدليل على تحريمها وإبطالها وجوه:

أحدها: أن الله - سبحانه وتعالى - قال في صفة أهل النفاق من مُظهري الإسلام: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ (٨) يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ (٩)} إلى قوله: {وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ (١٤) اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ (١٥)} [البقرة: ٨ - ١٥].

وقال: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ} [النساء: ١٤٢]،


(١) هذا المقطع في "الإبطال": (ص/ ٣٣) بعد قوله: "نحن لا نرى الحيل إلا بما يجوز"، وهو أنسب للمعنى.

<<  <   >  >>