للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأيضًا: فإن عمر وعثمان وعليًّا وسائر البدريين وغيرهم = اتفقوا على [أن] (١) المبتوتة في المرض ترث، ولم يُنكر ذلك أحد. فعُلِم أنهم كانوا يعتبرون القصود ويحرمون هذه الحِيَل، وهذا إذا تأمَّله اللبيب؛ قطعَ بتحريم جنس هذه الحيل وإبطالها.

الوجه الثالث والعشرون (٢): أنَّه - سبحانه - إنما أوجب الواجبات وحرَّم المحرمات لما فيه من المصالح لخلقه، ودفع المفاسد عنهم؛ ولأن يبتليهم بأن يميز من يطيعه ممن يعصيه، فإذا احتال المرءُ على حلِّ المحرم أو سقوط الواجب [بأن يعمل عملًا لو عُمِل على وجهه المقصود به لزال ذلك التحريم أو سقط ذلك الواجب ضمنًا وتبعًا لا أصلًا وقصدًا، ويكون إنما عمله ليغير ذلك الحكم أصلًا وقصدًا] (٣)، والله تعالى إنما حرَّم الربا والزنا وتوابعهما؛ لما في ذلك من الفساد، وأباحَ البيعَ والنكاحَ لما فيه من المصلحة، ولا بدَّ أن يكون بين الحلال والحرام فرق، وإلا لكان البيع مثل الربا، والفرقُ في الصورة دون الحقيقة غيرُ مؤثِّر؛ لأن الاعتبار بالمعاني، فإن الألفاظَ إذا اختلفت ومعناها واحد كان حكمها واحدًا، بخلاف العكس (٤).

فالأمر المحتال به صورتُه صورة الحلال، وليس حقيقته


(١) من "الإبطال".
(٢) "الإبطال": (ص/ ٢٤٥).
(٣) زيادة من "الإبطال" يستقيم بها الكلام.
(٤) أي: لو اتفقت ألفاظها واختلفت معانيها كان حكمها مختلفًا.

<<  <   >  >>