للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عمرُ السنةَ بتحريمه، فلعلَّ هذا كان قبل أن يظهر تحريم المتعة.

ويحتمل أنه أمره أن يمسكها بنكاح جديد.

ثم لو ثبتَ أنَّ عمر صحَّح نكاح المحلِّل، فيجب أن يُحمل الأمرُ فيه على أنه رجع؛ لأنه قد ثبت عنه من غير وجهٍ التغليظُ في التحليل والنهي عنه، وأنه خطبَ الناسَ فقال: "لا أُوتى بمحلِّلٍ ومحلَّلٍ له إلا رجمتهما" ولا يمكن أن يكون رخَّص في التحليل بعد النهي؛ لأن النهيَ إنما يكون عن علمٍ بسنةِ رسول الله، بخلاف ترك الإنكار، فإنه يكون عن الاستصحاب، فثبتَ أن الصحابةَ لم يختلفوا في ذلك.

[المسلك الخامس]

قوله - سبحانه وتعالى - بعد قوله: {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ} [البقرة: ٢٢٩] وبعد ذكر الخلع: {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} [البقرة: ٢٣٠].

ونكاح المحلِّل والمتعة ليس بنكاح عند الإطلاق؛ لأن النكاح في اللغة: الجمع على أتم الوجوه. فإن كان اجتماعًا بالأبدان فهو الإيلاج، وإن كان بالعقود، فهو الجمع بينهما على وجه الدوام أو اللزوم.

ولهذا لما سُئل ابن عباس عن المتعة - وكان يُبِيْحُها -: "أنكاحٌ هي أم سِفَاح؟ فقال: ليست بنكاح ولا سفاح، ولكنها مُتْعة" (١)،


(١) أخرجه ابن عبد البر في "التمهيد": (١٠/ ١١٥).

<<  <   >  >>