للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

واعلم أن المقصودَ هنا: بيانُ تحريم الحيل، وأن صاحبها يتعرض لسخط الله وأليم عقابه، ويترتَّب على ذلك أن ينقض على صاحبها مقصودَه منها بحسب الإمكان، وما لا يمكن نقضُه فيجب ضمان ذلك على المفسد له، بمنزلة ضمان الأموال بالتَّلَف.

وهذا مثل من يطأ امرأةَ أبيه [أو ابنه] لينفسِخَ نكاحُه، عند من يرى تحريم ذلك، فيغرم ذلك ما فَسَد بفعله، وأما غير ذلك فَيُعامَل بنقيض قصده؛ فمن أراد أن يؤخِّر الصومَ بأن يسافر في الحرِّ ليصوم في الشتاء - مثلًا -، فنقول: يجب عليه الصوم في هذا السفر، ونحو ذلك.

ومن قَصَد قتلَ رجلٍ ليتزوَّج امرأتَه؛ لم تحل له، ونحوه.

وتلخيص ذلك: أنَّ الحِيلَ نوعان؛ أقوال وأفعال.

فالأقوال؛ يشترط لثبوت أحكامها العقل، ويُعتَبر فيها القَصْد، وتكون صحيحةً تارة، وهو: ما ترتَّب حكمه عليه، وفاسدةً أخرى، فلم يترتَّب حكمه عليه.

ثم ما ثبت حكمه؛ منهُ ما يمكنُ فسخُه ورفعه بعد وقوعه؛ كالبيع والنكاح، ومنه ما لا يمكن رفْعُه بعد وقوعه؛ كالعتق والطلاق (١)، فهذا الضرب إذا قصد به الاحتيال على فعل محرَّم أو إسقاط واجب = أمْكَنَ إبطاله؛ إما من جميع الوجوه، وإما من الوجه الذي يُبْطِلُ مقصودَه، بحيث لا يترتَّب عليه أثره الذي احتيل عليه، كما حكم به


(١) زاد في "الإبطال": "مع أن في ذلك نزاعًا".

<<  <   >  >>