للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الوجه الخامس عشر (١): وهو أن الحيل إنما تَصْدُر من رجلٍ كَرِه فِعْل ما أمر الله - سبحانه - به أو تَرْك ما نهى الله عنه، وقد قال تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ (٩)} [محمد: ٩]، وقال: {وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ وَلَا يَأْتُونَ الصَّلَاةَ إِلَّا وَهُمْ كُسَالَى وَلَا يُنْفِقُونَ إِلَّا وَهُمْ كَارِهُونَ} [التوبة: ٥٤].

وقال تعالى: {فَإِذَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ مُحْكَمَةٌ وَذُكِرَ فِيهَا الْقِتَالُ رَأَيْتَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ نَظَرَ الْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ فَأَوْلَى لَهُمْ (٢٠) طَاعَةٌ وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ} [محمد: ٢٠، ٢١]. إلى غير ذلك من المواضع التي ذمَّ الله فيها من كره أَمْر ربِّه من الصلاة والزكاة والجهاد.

وقال في المُرْبِيْن: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (٢٧٨) فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ... } [البقرة: ٢٧٨، ٢٧٩].

فيجب أن نتلقَّى أمرَ الله وأحكامَه بطِيْب نفسٍ وانشراحِ صَدْرٍ، ويجب أن يتيقَّن العبدُ أنَّ اللهَ لم يأمرْه إلا بما فيه صلاحُه، ولم يَنْهه إلا عمَّا في فعله فسادُه، وأن المأمورَ به بمنزلة الغذاء الذي هو قوام العبد، والمنهيَّ عنه بمنزلة السُّمِّ الذي فيه هلاك البَدَن.


(١) من أدلة تحريم الحيل، وقد تقدم الرابع عشر (ص/ ٦١)، وانظر "الإبطال": (ص/ ١٥٦).

<<  <   >  >>