ومعلوم أنَّ الرجل لو تزوَّج المرأةَ ليُقيم عندها ليلةً أو ليلتين ثم يفارقها بوليٍّ وشهود وغير ذلك؛ كان سفاحًا، وهو المتعة، فإذا لم يكن له غرض معها، ألَم يكن أولى باسم السِّفاح؟!.
وكذلك إنما أوجبَ الشُّفْعةَ للشريك لما فيه من الضرر بالشركة على الشريك فأثبت له الأخذ؛ ليزول ضرره، فإذا سوغ الاحتيال على إسقاطها، أَلَم يكن فيه بقاء فساد الشركة والقِسْمة وعدم صلاح الشفعة؟!.
وكل موضع ظهرت حكمته أو غابت، فلا يشك مُسْتبصر أن الاحتيال يبطل تلك الحكمة التي قصدها الشارع، فيكون ذلك مناقضًا للشارع ومحادة له.
واعتبر ذلك بسياسة الملوك، بل بسياسة الرجل في بيته، فإنه لو عارضَه بعضُ الأذكياء المحتالين في أوامره ونواهيه، بإقامة صورها دون حقائقها، لعلم أنه ساعٍ في فساد أوامره.
وأظن أن كثيرًا من الحِيَل إنما استحلَّها من لم يفقه حكمة الشارع، ولو هُدِيَ (١٦٦/ أ) رشدَه لسلَّم لله ورسوله، وأطاع الله ظاهرًا وباطنًا في كل أمره، وعلم أن الشرائع تحتها حِكَم لم يهتد هو لها، فما كان يفعل شيئًا يعلم أنه مزيل لحكمة الشارع.
الوجه الخامس والعشرون: أن الله - سبحانه - سدَّ الذرائع المفضية إلى المحارِم، بأن حرَّمها ونهى عنها، والذريعةُ ما كان وسيلةً وطريقًا إلى الشيء، لكن صارت في عُرف الفقهاء عبارة عما