للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تُستوفَى إلا بالتقابض، فمتى لم يحصل التقابض كان ذريعة إلى الربا، وإن تقابضا وكان العقد مقصودًا فله أن يشتري منه كما يشتري من غيره.

وأما قوله - صلى الله عليه وسلم - لبلال: "بِع الجَمْعَ بالدراهم ثُمَّ ابْتَعْ بالدراهم جَنِيْبًا" (١)، فليس فيه دلالة عَلى الاحتيال بالعقود التي ليست مقصودة لوجوه:

أحدها: أنه أمره أن يبيع سلعته الأولى، ثم يبتاع بثمنها سلعة أخرى، ومعلوم أن ذلك إنما يقتضي البيعَ الصحيح، ونحن نقول: كلُّ بيع صحيح فإنه يفيد الملك، لكن الشأن في بيوع قد دلَّت السنة على أن ظاهرها - وإن كان بيعًا - فإنها ربا، وهي بيع فاسد، ومثل هذا لا يدخل في الحديث حتى يثبت أنه بيعٌ صحيح، فلا حجَّةَ فيه على صحة صورة من صور النزاع ألبتة.

والنكتة أن يُقال: الأمر المطلق [بالبيع] إنما يقتضي الصحيح، ونحن لا نُسلِّم صحة ذلك (٢).

الوجه الثاني: أن الحديث ليس فيه عموم؛ لأن الأمر بالحقيقة المطلقة ليس أمرًا بشيءٍ من قيودها؛ لأن الحقيقة مشتركة بين


(١) تقدم تخريجه (ص/ ٦٥ - ٦٦) والتعليق عليه.
(٢) أي: "لا نسلّم أن هذه الصورة التي تواطآ فيها على الاشتراء بالثمن من المشتري شيئًا من جنس الثمن الربوي بيع صحيح، وإنما البيع الصحيح: الاشتراء من غيره أو الاشتراء منه بعد بيعه بيعًا مقصودًا بتاتًا، لم يقصد به الشراء منه" انظر "الإبطال": (ص/ ٢٠٥).

<<  <   >  >>