للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لها، كاستهزاء المنافقين بقولهم: {آمَنَّا} (١)، فهذا نفاق في أصل الدين، وذاك نفاق في شرائعه.

وذِكْر هذه الآية بعد قوله: {وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا} [البقرة: ٢٣١] = دليلٌ على أن إمساكهن ضرارًا من اتخاذِ آياتِ الله هزوًا، وما ذاك إلا لأن الممسك تكلم بالرجعة غير معتقد لمقصودِ النكاح، بل ينكح ليطلِّق، وإذا كان التحليل من اتخاذ آيات الله هزوًا؛ فهو حرام، فلزم فساده بإبطال مقصود المحلِّل في ثبوت نكاحه.

[المسلك العاشر]

أنه قَصَد بالعقد غير ما شُرِع له العقد، فيجبُ أن لا يصح، فَشَرع (٢) العقود [أسبابًا] إلى حصول أحكام مقصودة؛ فشَرَعَ البيعَ لملك الأموال والهبة والنكاحَ لملك البُضع، ومقصودُه حصولُ السَّكَن والازدواج. فمن تكلم بهذه الكلمات غير معتقد لمقصودها وحقائقها، بحيث يعلم من نفسِه أنه إذا ثبت حقيقة العقد لا يرضى به، لم يصح العقد لوجهين:

أحدهما: أن اللهَ اعتبر الرِّضى في البيع والنكاح، فمن لم يرد مقصود النكاح والبيع ولا رغبة له فيه لم يكن مريدًا ولا راغبًا، فليس هو براضٍ، فلا عَقْد له.


(١) يعني في قولهم: {وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ (١٤)} [البقرة: ١٤].
(٢) تحتمل: "فَتُشْرع".

<<  <   >  >>