للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن جوَّز الحِيَل فإنه بين أمرين، إما أن يجوِّز هذا فيكون مخالفًا للرسول، أو لا يجوِّزه. فمن المعلوم أن قياس قوله جوازه بطريق الأَوْلى، فإنه لا يعتبر قَصْد المتعاقدين في العقود، ولا يعتبر ما يقتضيه العُرْف في العقود، بل يجوز أن يُباع ما يساوي مئة ألف بدرهم، مع القطع بأنما ذاك لما يقابل المئة ألف من دراهم أكثر منها أُخِذت باسم القرض وهي ربا.

ويجوز أن تُنكح الوسيطة [في قومها] من بعض الأراذل بعِوَضٍ يُبْذَل له في الحقيقة على ذلك، ومعلوم أن هذا ليس فعل من يريد النكاح.

الوجه السابع: ما روى عَمْرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "البائع (١) والمبتاع بالخيار حتى يتفرَّقا، إلا أن تكون صَفْقَة خيارٍ، ولا يحلُّ له أن يُفارقه خشْيَةَ أن يَسْتَقِيْلَه" رواه أحمد وأبو داود والنسائي والترمذي (٢)، وقال: حسن.

قال الإمام أحمد: فيه إبطال الحِيَل (٣).

فلما كان الشارع قد أثبت الخيار إلى حين التفرّق (١٥٠/ ب) الذي يفعله المتعاقدان بشؤم طباعهما، حرَّم - صلى الله عليه وسلم - أن يقصد الفِراق خَشْيةٍ أن يستقيله؛ لأنه يكون قصد بالتفرُّق غير ما جُعِل التفرُّق له عُرْفًا من إسقاط حق المسلم.


(١) في الأصل و (م): "البيع"!.
(٢) أخرجه أحمد: (١١/ ٣٣٠ رقم ٦٧٢١)، وأبو داود رقم (٣٤٥٦)، والنسائي: (٧/ ٢٥١)، والترمذي رقم (١٢٤٧).
(٣) نقله عنه الأثرم، كما في "إبطال الحيل" لابن بطة رقم (٦٠) تحقيق سليمان العمير.

<<  <   >  >>