للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد روى ابن ماجه (١) وابن بطة (٢) بإسنادٍ جيَّد عن أبي بردة عن أبي موسى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "ما بالُ أقوامٍ يلعبونَ بحدود اللهِ، ويَسْتَهْزِئون بآيات الله؛ طَلَّقْتُكِ راجَعْتُكِ، طَلَّقْتُكِ راجَعْتُكِ".

وفي لفظٍ لابن بطة: "خلعتك راجعتك".

وقد رُوِيَ مرسلًا عن أبي بردة.

فوجه الدلالة: أن الله - سبحانه - حرم على الرجل أن يرتجع المرأةَ يقصد بذلك مضارَّتها، بأن يطلِّقها ثم يمهلها حتى تشارف انقضاء العدة، ثم يرتجعها، ثم يطلقها قبل جماع أو بعده، ويمهلها حتى تشارف انقضاء العدة، ثم يرتجعها، ثم يطلقها، فتصير العدة تسعة أشهر.

وهكذا فسَّره عامة العلماء من الصحابة والتابعين، وجاء فيه حديث مسند.

ومعلومٌ أنه لو وقع هذا اتفاقًا من غير قصد منه، بأن يرتجعها راغبًا ثم يبدو له فيطلِّقها، ثم يبدو له فيراجعها راغبًا، ثم يبدو له فيطلقها، لم يحرم ذلك، لكن لما فعله لا لرغبةٍ، بل لمقصود آخر وهو أن يطلِّقها بعد ذلك ليُطِيل العِدَّة عليها = حَرُم ذلك، فالضرر حصل لها؛ لأنه قصد بالعقد فُرْقة توجب ضررًا، لو حصل بغير قصد إليه، لم يكن سببه حرامًا.


(١) رقم (٢٠١٧).
(٢) في "إبطال الحيل": (ص/ ٤٠، ٤١).

<<  <   >  >>