للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

واشترط متأخِّروا الأصحاب في البيع على بيع أخيه أن يكون ذلك في مدة خيار المجلس أو الشرط، والمتقدمون لم يشترطوا ذلك، وهو أجود، وظاهرُ كلام أحمد يدلُّ عليه، فإنه - أيضًا - قد يفسخ في غير مدة الخيار، إما بعيب أو إقالة. أو يدخل عليه فيفسخ غصبًا، فيكون ذلك أشد تحريمًا لكثرة ضرره، فإذا حرم البيعَ أو الخطبةَ على خطبة أخيه؛ فكيف بالنكاح على نكاح أخيه؟ ! .

ولو أن الرجلَ طلبَ من غيره أن يبيعه سلعةً لجاز؛ ولو طلب أن يخلع زوجته ليتزوجها لم يجز، نصَّ عليه أحمد (١)، فمتى فعلت المرأةُ سببًا للفرقة، وفارقته وتزوّجت؛ فهي محللة (١٧٦/ أ) كالرجل المحلِّل، فلا تحلّ، لكن لو أقامت عند الزوج، فهل يَحتاج إلى استئناف عقدٍ كما في الرجل المحلل؟ ولو علم الرجل أن هذا كان في نيتها، وهي مقيمةٌ عليه، فهل يسعه المقام معها؟ .

هذا فيه نظر، فإن الرجل يملك المرأةَ، فإذا نوى التحليل، فقد قَصَد ما ينافي الملك، فلم يثبت له الملك، فانتفت سائر الأحكام تبعًا، وإذا نوت المرأة أن تأتي بالفُرْقة؛ فقد نوى هو الملك، وهي قد ملَّكته نفسَها في الظاهر، والملكُ يحصل له إذا قصدَه حقيقة مع وجود السبب ظاهرًا، لكن نِيَّتها تؤثِّر في جانبها خاصَّة، فلا يحصل لها بهذا النكاح حلُّها للأول، حيث لم تقصد أن تَنْكِح، وإنما قصدت أن تُنْكَح.

والقرآن علَّق الحلَّ بأن تَنْكِح زوجًا غيره، وإذا كانت قد نوت


(١) تقدم نصه ص/ ١٦٠.

<<  <   >  >>