للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حصول الشيءِ الطريقَ الذي شُرِع لتحصيله، دُوْن ما لم يَقْصد الشارعُ به ذلك الشيء.

فثبت أن ذلك (١٥٥/ ب) - أعني: الحِيل - لم تُحْكَ عن أحدٍ من الصحابة، بل حُكي النهي عنها، فعُلِمَ اجتماعُهم على إنكارها وتحريمها، وهذا أبلغ في كونها بدعة محدَثه، فإن أقبح البدع ما خالفت كتابًا أو سنة أو إجماعًا.

وأيضًا: من المعلوم أن الطلاق الثلاث ما زال واقعًا على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وخلفائه، وما زال المطلِّقون يندمون ويتمنون المراجعة، والرسولُ أنْصَحُ الناس لأمته، وكذلك أصحابه، فلو كان التحليل يُحِلُّها لأوشك أن يَدُلُّوا عليه - ولو واحدًا - فإن الدواعي إذا تَوَفَّرت على طلب فعلٍ مباحٍ، فلا بدَّ أن يوجد، فلَّما لم يُنقل ذلك، بل نُقِل الزجر عنه، عُلِم أنه لا سبيل إليه ألْبتة.

وهذه امرأة رِفاعة جاءت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد أن تزَوَّجت عبد الرحمن بن الزَّبِير وطلَّقها قبل الدخول، وجعلت تختلف إليه وإلى خليفتيه - رضي الله عنهما - تتمنَّى مراجعةَ رِفاعة، وهم يزجرونها عن ذلك (١)، وكأنها كرهت أن تتزوَّج غيرَه فلا يُطلِّقها، فلو كان التحليل ممكنًا لكان أنصح الأمة لها يأمرها أن تتزوّج بمحلِّل، فإنها لم تعدم من يبيتُ عندها ليلة ويُعطى شيئًا! ! .

فمن لم تَسَعْه السنة حتى تعدَّى إلى البدعة، وأطْلَقَ للناس


(١) أخرج قصتها البخاري رقم (٥٢٦٠)، ومسلم رقم (١٤٣٣).

<<  <   >  >>