للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فإن قيل: لا شك أن قصد تراجعهما قصد صالح؛ لما فيه من المنفعة لهما ولولدهما.

قيل: هذه مناسبة شهد الشارعُ لها بالإلغاء والإهدار، ومثل هذا هو الذي يُحل الحرام ويُحرِّم الحلال، وما جاء الشرعُ بإلغائه فاعتبارُه مراغمةً للشارع، تصدر من عدم ملاحظة حكمته، أو عدم مقابلته بالرضى والتسليم (١)، وهي في الحقيقة لا تكون مصالح (٢) وإن ظنَّها الظَّانُّ أنها مصالح، بل حكمة الله التي شَرَع قد عَلِمَها الله ورسولُه ومن شاءَ من خلقه، خلافَ ما رآه هذا القاصِر، ولهذا كان الواجب طاعة الله ورسوله فيما ظهر لنا حُسْنُه وفيما لم يظهر، فإن خير الدنيا والآخرة طاعة الله ورسوله.

ومن رأى أن الشارع قد حرَّم هذه على مُطَلِّقها ثلاثًا حتى تنكح زوجًا غيره، وعَلِم أن النكاح الحسن الذي لا ريب في حِلِّه هو نكاح الرغبة = عَلِم قطعًا أن الشارع لم يكن متشوِّفًا إلى ردِّ هذه إلى زوجها إلا أن يقضي الله ذلك بقضاءٍ يُيَسِّره ليس للخَلْقِ فيه صُنْع، ولو كان هذا المعنى مطلوبًا لسَنَّه وندبَ إليه كما نَدَب إلى الإصلاح بين (١٦١/ أ) الخَصْمَين. وقد قال من لا ينطق عن الهوى: "ما تركتُ من شيءٍ يُقرِّبُكُم إلى الجنَّة إلا وَقَد حدَّثْتُكُمْ به، ولا مِن شيءٍ يُباعِدُكم عن النَّارِ إلا وقد حَدَّثتكم به، تَرَكْتُكم على البَيْضاءِ


(١) العبارة في "الإبطال": "مصدرها عدم ملاحظة حكمة التحريم، وموردها عدم مقابلته بالرضا والتسليم".
(٢) في "الأصل" و (م): "مصالحًا".

<<  <   >  >>