ومن تتبَّع أقوال أهل العلم في الإمام «الباقر» سيجد لا محالة مدحاً وإشادةً بفضله، بل حتى تقي الدين ابن تيميه الذي يتهمه المتعصبة بالنّصب قد مدحه في أكثر من موضع من كتبه ومن أراد التأكد من ذلك فليطالع «مجموع الفتاوى ١٩/ ٦٩» على سبيل المثال لا الحصر، أما المغالي فإنه لا يقنع سوى بالغلو فيهم، فينسب لهم العصمة والعلم المطلق وما أشبه ذلك، بل ويتَّهم من ينفي عنهم مثل هذا الغلو بالنصب وبمعاداة أهل البيت متناسياً بهذا الوصيَّة النبوية القائلة:
«لاتطروني كما أطرت النصارى ابن مريم فإنما أنا عبده فقولوا: عبد الله ورسوله»(١)، فإن كان الغلو في خير الخلق محمد صلى الله عليه وآله وسلم محرّما فكيف بمن هم دونه في الفضل والعلم والتقوى، ولو أنَّ هؤلاء الغلاة طرحوا التعصّب جانباً واكتفوا بما في كتاب الله وسنة نبيه الصحيحة الثابتة، لأدركوا البعد الكبير بينهم وبين هدي النبي صلى الله عليه وآله وسلم وآل بيته الكرام.
(١) صحيح البخاري كتاب (أحاديث الأنبياء) باب (واذكر في الكتاب مريم إذ إنتبذت)، رقم (٣١٨٩) خلاصة عبقات الأنوار (٣/ ٣٠٥).