للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأعداء الحق في عصرنا هذا على هذا المسلك الجاهلي، فتراهم يرمون كل من تمسك بالكتاب والسنة بكل لقب مذموم بين المسلمين، والله المستعان على ما يصفون.

[السادسة والخمسون افتراء الكذب على الله والتكذيب بالحق]

السادسة والخمسون افتراء الكذب على الله، والتكذيب بالحق وشواهد هذه المسألة من الكتاب والسنة كثير، وهذا دأب المخالفين للدين المبين كاليهود والنصارى، يدعون أن ما هم عليه هو الحق، وأن الله أمرهم بالتمسك به، وأن الدين المبين ليس بحق، وأن الله تعالى أمرهم بتكذيبه، كل ذلك لاتباع أسلافهم، لا ينظرون إلى الدليل، وهكذا أهل البدع والضلالات يعتقدون بدعهم الحق، وأن الله أمرهم بها، وأن ما عليه أهل الحق مُفْتَرًى، لا يصدقون به (١) .


(١) وهذا دليل على هذه المسألة وهو ما رواه البخاري في (المناقب باب قول الله تعالى: "يعرفونه كما يعرفون أبناءهم وإن فريقا منهم ليكتمون الحق وهم يعلمون" [البقرة: ١٤٦] : ٣٦٣٥) عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: أن اليهود جاؤوا إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فذكروا له أن رجلا منهم وامرأة زنيا، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: " ما تجدون في التوراة في شأن الرجم؟ " فقالوا: نفضحهم ويجلدون، فقال عبد الله بن سلام: كذبتم، إن فيها الرجم، فأتوا بالتوراة فنشروها، فوضع أحدهم يده على آية الرجم، فقرأ ما قبلها وما بعدها، فقال له عبد الله بن سلام: ارفع يدك، فرفع يده فإذا فيها آية الرجم، فقالوا: صدقت يا محمد، فيها آية الرجم، فأمر بهما رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فرُجما، وعند مسلم في (الحدود: ٤٤٣٧) فقال صلى الله عليه وآله وسلم: " ما تجدون في التوراة على من زنى؟ " قالوا: نسوِّد وجوههما ونحمِّلهما، ونخالف بين وجوههما، ويطاف بهما، قال: " فأتوا بالتوراة إن كنتم صادقين " فجاؤوا بها، فقرؤوها حتى إذا ما مرُّوا بآية الرجم وضع الفتى الذي يقرأ يده على آية الرجم، وقرأ ما بين يديها وما وراءها، فقال له عبد الله بن سلام - وهو مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: مُرْهُ فليرفع يده، فرفعها فإذا تحتها آية الرجم، فأمر بهما رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فرجما.
فأين هم من قولهم: "نؤمن بما أنزل علينا" [البقرة: ٩١] ؟!
ويأتي الكلام على هذه الآية في المسألة الثانية والستين.

<<  <   >  >>