للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الثالثة والسبعون دعواهم محبة الله مع ترك شرعه]

الثالثة والسبعون دعواهم محبة الله مع ترك شرعه فطالبهم سبحانه بقوله في سورة " آل عمران " [٣١] : {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [آل عمران: ٣١]

قال الحسن وابن جريج: «زعم أقوام على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنهم يحبون الله، فقالوا: يا محمد إنا نحب ربنا، فأنزل الله تعالى هذه الآية» (١) .

وروى الضحاك عن ابن عباس قال: «وقف النبي صلى الله عليه وآله وسلم على قريش في المسجد الحرام، وقد نصبوا أصنامهم، وعلقوا عليها بيض النعام، وجعلوا في آذانها الشُّنوف (٢) وهم يسجدون لها، فقال: " يا معشر قريش، لقد خالفتم ملة أبيكم إبراهيم وإسماعيل، ولقد كانا على الإسلام "، فقالت قريش: يا محمد إنما نعبد هذه حبا لله؛ لتقربنا إلى الله زلفى، فأنزل الله تعالى: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ} [آل عمران: ٣١] إلخ» (٣) .

وفي رواية أبي صالح «أن اليهود لما قالوا: {نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ} [المائدة: ١٨] أنزل الله هذه الآية، فلما نزلت عرضها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على اليهود، فأبوا أن يقبلوها» (٤) .

وروى محمد بن إسحاق عن محمد بن جعفر بن الزبير قال: " نزلت في نصارى نجران، وذلك أنهم قالوا: إنما نعظم المسيح، نعبده حبا لله، وتعظيما له، فأنزل الله تعالى هذه الآية ردا عليهم" (٥) .

وبالجملة: من تَلَبَّس بالمعاصي لا ينبغي له أن يدعي محبة الله، وما أحسن قول القائل:


(١) أخرجه ابن جرير في تفسيره (٣ / ٢٣٢) .
(٢) جاء في حاشية المطبوع ما نصه: " الشنف: القرط الأعلى، أو معلاق في قوف الأذن، أو ما علق في أعلاها، جمعه شنوف، وما علق في أسفل الأذن: قرط ".
(٣) ذكره البغوي في تفسيره (١ / ٢٩٣) ، وابن الجوزي في زاد المسير (١ / ٣٧٣) .
(٤) ذكر هذا الأثر الجوزي في زاد المسير (١ / ٣٧٣) .
(٥) أخرجه ابن جرير في تفسيره (٣ / ٢٣٣) بنحوه.

<<  <   >  >>