للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[السابعة الاعتماد على الكثرة والاحتجاج بالسواد الأعظم]

السابعة الاعتماد على الكثرة، والاحتجاج بالسواد الأعظم، والاحتجاج على بطلان الشيء بقلة أهله فأنزل الله تعالى ضد ذلك وما يُبْطِله، فقال في " الأنعام " [١١٦ - ١١٧] : {وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ - إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ مَنْ يَضِلُّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ} [الأنعام: ١١٦ - ١١٧]

فالكثرة على خلاف الحق لا تستوجب العدول عن اتباعه لمن كان له بصيرة وقلب، فالحق أحق بالاتباع وإن قل أنصاره كما قال تعالى: {قَالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَى نِعَاجِهِ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْخُلَطَاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَا هُمْ} [ص: ٢٤] فأخبر الله عن أهل الحق أنهم قليل، غير أن القلة لا تضرهم:

تُعَيِّرُنَا أَنَّا قَلِيلٌ عَدِيدُنَا ... فَقُلْتُ لَهَا إِنَّ الْكِرَامَ قَلِيلٌ

فالمقصود أن من له بصيرة ينظر إلى الدليل، ويأخذ ما يستنتجه البرهان وإن قل العارفون به، المنقادون له، ومن أخذ ما عليه الأكثر، وما ألِفَتْهُ العامة من غير نظر الدليل فهو مخطئ، سالك سبيل الجاهلية، مقدوح عند أهل البصائر.

<<  <   >  >>