للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الرابعة والثلاثون إنكار النبوات]

الرابعة والثلاثون إنكار النبوات وكانوا يقولون: ما حكى الله عنهم بقوله: {أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهِ قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْعَالَمِينَ - وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قَالُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ قُلْ مَنْ أَنْزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى نُورًا وَهُدًى لِلنَّاسِ} [الأنعام: ٩٠ - ٩١] (يجعلونه قراطيس يبدونها ويخفون) (١) {كَثِيرًا وَعُلِّمْتُمْ مَا لَمْ تَعْلَمُوا أَنْتُمْ وَلَا آبَاؤُكُمْ قُلِ اللَّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ} [الأنعام: ٩١]

تفسير هذه الآية: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ} [الأنعام: ٩١] شروع في تقرير أمر النبوة، بعدما حكى الله سبحانه عن إبراهيم عليه السلام أنه ذكر دليل التوحيد وإبطال الشرك، وقرر سبحانه ذلك بأوضح الدليل وبأوضح وجه.

{حَقَّ قَدْرِهِ} [الأنعام: ٩١] أي: حق معرفته (٢) .

وعن بعضهم: ما عظموا الله حق تعظيمه (٣) {إِذْ قَالُوا} [الأنعام: ٩١] منكرين لبعثة الرسل وإنزال الكتب، كافرين بنعمة الله الجليلة فيهما: {مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ} [الأنعام: ٩١] أي: شيئا من الأشياء.

واختلف في قائلي ذلك القول الشنيع: فعن مجاهد أنهم مشركو قريش، والجمهور على أنهم اليهود، ومرادهم من ذلك الطعن في رسالته صلى الله عليه وآله وسلم على سبيل المبالغة.

فقيل لهم على سبيل الإلزام: {قُلْ مَنْ أَنْزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى} [الأنعام: ٩١] فإن المراد أنه تعالى قد أنزل التوراة على موسى صلى الله عليه وآله وسلم، ولا سبيل لكم إلى إنكار ذلك، فلم لا تُجَوِّزون إنزال القرآن على محمد صلى الله عليه وآله وسلم؟


(١) قوله تعالى: (يجعلونه قراطيس يبدونها ويخفون) كذا في المخطوط، وهي قراءة ابن كثير وأبي عمرو.
(٢) وهذا قول أبي عبيدة معمر بن المثنى كما في زاد المسير (٣ / ٨٣) .
(٣) وهذا قول ابن عباس كما في زاد المسير (٣ / ٨٣) ، واعتمده ابن كثير في تفسيره.

<<  <   >  >>