للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الثامنة عشرة أنهم لا يقبلون من الحق إلا ما تقول به طائفتهم]

الثامنة عشرة من خصال الجاهلية: أنهم لا يقبلون من الحق إلا ما تقول به طائفتهم

قال تعالى: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا نُؤْمِنُ بِمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا وَيَكْفُرُونَ بِمَا وَرَاءَهُ وَهُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقًا لِمَا مَعَهُمْ قُلْ فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنْبِيَاءَ اللَّهِ مِنْ قَبْلُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [البقرة: ٩١]

ومعنى: {نُؤْمِنُ بِمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا} [البقرة: ٩١] أي: نستمر على الإيمان بالتوراة وما في حكمها مما أنزل في تقرير حكمها، ومرادهم بضمير المتكلم إما أنبياء بني إسرائيل - وهو الظاهر فيه - إيماء إلى أن عدم إيمانهم بالقرآن كان بغيا وحسدا على نزوله على من ليس منهم، وإما أنفسهم، ومعنى الإنزال عليهم: تكليفهم بما في المنزل من الأحكام.

وذُمُّوا على هذه المقالة لما فيها من التعريض بشأن القرآن، ودسائس اليهود مشهورة، أو لأنهم تأولوا الأمر المطلق العام، ونزلوه على خاص هو الإيمان بما أنزل عليهم، كما هو دَيْدَنهم في تأويل الكتاب بغير المراد منه.

{وَيَكْفُرُونَ بِمَا وَرَاءَهُ وَهُوَ الْحَقُّ} [البقرة: ٩١] أي: هم مقارنون لِحَقِّيَّتِهِ، أي: عالمون بها.

{مُصَدِّقًا لِمَا مَعَهُمْ} [البقرة: ٩١] لأن كُتُب الله يُصَدِّق بعضها بعضا، فالتصديق لازم لا ينتقل، وقد قررت مضمون الخبر؛ لأنها كالاستدلال عليه، ولهذا تضمنت رد قولهم: {نُؤْمِنُ بِمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا} [البقرة: ٩١] حيث إن من لم يصدق بما وافق التوراة لم يصدق بها.

{قُلْ فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنْبِيَاءَ اللَّهِ مِنْ قَبْلُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [البقرة: ٩١] أمر للنبي صلى الله عليه وآله وسلم أن يقول ذلك تبكيتا لهم، حيث قتلوا الأنبياء مع ادعاء الإيمان بالتوراة، وهي لا تُسَوِّغُهُ.

<<  <   >  >>