الثامنة الاستدلال على بطلان الشيء بكونه غريبا فرد الله تعالى ذلك بقوله في " هود "[١١٦] : {فَلَوْلَا كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ أُولُو بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّنْ أَنْجَيْنَا مِنْهُمْ وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَا أُتْرِفُوا فِيهِ وَكَانُوا مُجْرِمِينَ}[هود: ١١٦]
ومعنى الآية:{فَلَوْلَا كَانَ}[هود: ١١٦] تحضيض فيه معنى التفجُّع، أي: فهلَّا كان {مِنَ الْقُرُونِ}[هود: ١١٦] أي: الأقوام المقتربة في زمان واحد {مِنْ قَبْلِكُمْ أُولُو بَقِيَّةٍ}[هود: ١١٦] أي: ذَوُو خصلة باقية من الرأي والعقل، أو ذوو فضل، على أن يكون البقية اسما للفضل، والهاء للنقل، ومن هنا يقال: فلان من بقية القوم أي: من خِيارهم، ومنه قولهم:" في الزوايا خبايا، وفي الرجال بقايا "، {يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ}[هود: ١١٦] الواقع فيما بينهم حسبما ذكر في قَصَصهم، وفُسِّر الفساد بالكفر وما اقترن به من المعاصي، {إِلَّا قَلِيلًا مِمَّنْ أَنْجَيْنَا مِنْهُمْ}[هود: ١١٦] استثناء منقطع أي: ولكن قليلا ممن أنجيناهم؛ لكونهم كانوا ينهون.