كل جماعة يجمعهم أمر ما: إما دين واحد، أو زمان واحد، أو مكان بذلك؛ لأنهم يؤم بعضهم بعضا، ويقصده.
والخلو: المضي، وأصله الانفراد.
{لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ}[البقرة: ١٤١] والمعنى: أن انتسابكم إليهم لا يوجب انتفاعكم بأعمالهم، وإنما تنتفعون بموافقتهم واتباعهم، كما قال صلى الله عليه وآله وسلم:«يا معشر قريش إن أولى الناس بالنبي: المتقون، فكونوا بسبيل من ذلك فانظروا أن لا يلقاني الناس يحملون الأعمال، وتلقوني بالدنيا، فأصد عنكم بوجهي» .
وهذا الحديث بمعنى قوله تعالى:{يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ}[الحجرات: ١٣]
ومعنى قوله:{وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ}[البقرة: ١٤١] لا تؤاخَذون بسيئاتهم، كما لا تثابون بحسناتهم.
وهذه الخصلة موجودة اليوم في كثير من المسلمين، ورأس مالهم الافتخار بالآباء، فمنهم من يقول: أنا من ذرية عبد القادر الكيلاني، ومنهم من يقول: أنا من ذرية أحمد الرفاعي، ومنهم من يقول: أنا بكري، ومنهم من يقول: أنا عمري، ومنهم من يقول: أنا علوي أو حسني أو حسيني، ولا فضيلة لهم ولا تقوى، وكل ذلك لا ينفعهم {يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ - إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ}[الشعراء: ٨٨ - ٨٩] ورسول صلى الله عليه وآله وسلم يقول لفاطمة: «يا فاطمة بنت محمد، لا أغني عنك من الله شيئا»(١) .
وما قَصْدُ أولئك المفتخرين بآبائهم - وهم عارون عن كل فضيلة - إلا أكل أموال الناس بالباطل، وفي المثل:" كن عصاميا، ولا تكن عظاميا ".
(١) رواه البخاري في (الوصايا هل يدخل النساء والولد في الأقارب؟ ٢٧٥٣) وبرقم (٤٧٧١) بلفظ: " يا فاطمة بنت محمد صلى الله عليه وآله وسلم سليني من مالي، لا أغني عنك من الله شيئا "، ومسلم في (الإيمان: ٥٠٤) بلفظ: " يا فاطمة بنت رسول الله سليني ما شئت، لا أغني عنك من الله شيئا ".