للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إلى آخر الآية.

فقد كفانا الله تعالى إبطال هذه الْخَصلة الجاهلية بقوله في الآية الأولى: {قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ} [سبأ: ٣٦] وفي الآية الأخرى بقوله: {أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ} [القصص: ٧٨] فعلمنا من ذلك أن محبة الله ورضى الله إنما يكون بطاعته والانقياد لرسله، والإذعان للحق باتباع البرهان.

وأما كثرة المال، وسعة الرزق، وعيش الرخاء، فلا دليل فيه على نجاة المنعَم عليه بمثل ذلك، ولو كانت الدنيا وما فيها تعادل عند الله جناح بعوضة ما سقى مَنْ عصاه شربة ماء.

قال سبحانه: {وَلَوْلَا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً لَجَعَلْنَا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمَنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفًا مِنْ فَضَّةٍ وَمَعَارِجَ عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ} [الزخرف: ٣٣]

وعلى ذلك قول القائل:

كَمْ عَالِمٍ عَالِمٍ أَعْيَتْ مَذَاهِبُهُ ... وَجَاهِلٍ جَاهِلٍ تَلْقَاهُ مَرْزُوقَا

ومما ينسب لبعض الأكابر:

رَضِينَا قِسْمَةَ الْجَبَّارِ فِينَا ... لَنَا عِلْمٌ وَلِلْأَعْدَاءِ مَالُ

فَإِنَّ الْمَالَ يَفْنَى عَنْ قَرِيبٍ ... وَإِنَّ الْعِلْمَ بَاقٍ لَا يَزَالُ

والشواهد كثيرة.

والمقصود أن ما كان عليه أهل الجاهلية من كون زخارف الدنيا من الأدلة على قرب من حازها من الله وقبوله عنده، فقول بعيد عن الحق، ومذهب باطل لا ينبغي لمن له بصيرة أن يُعَوِّلَ عليه.

<<  <   >  >>