يقول ابن قدامة: ولنا أنّ النبي -صلى الله عليه وسلم- اشترى من يهودي طعامًا ورهنه درعه وكان بالمدينة؛ ولأنها وثيقة تجوز في السفر فجازت في الحضر؛ كالضمان، فأما ذكر السفر فإنه خرج مخرج الغالب؛ لكون الكاتب يعدَم في السفر غالبًا، ولهذا لم يشترط عدم الكاتب، وهو مذكور معه أيضًا.
حكم الرهن:
والرهن غير واجب، لا نعلم فيه مخالفًا؛ لأنه وثيقة بالدَّين، فلم يجب كالضمان والكفاية، وقول الله تعالى:{فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ}(البقرة: ٢٨٣) إرشاد لنا لا إيجاب علينا؛ بدليل قوله تعالى:{فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ}(البقرة: ٢٨٣)؛ ولأنه أُمِرَ به عند إعواذ الكتابة، يعني: الحاجة إلى الكتابة، والكتابة غير واجبة، فكذلك بدلها يكون غير واجب.
ولا يخلو الرهن من أحوال:
أحدها: أن يقع بعد الحق، فيصح بالإجماع؛ لأنه دين ثابت تدعو الحاجة إلى أخذ الوثيقة به، فجاز أخذها به.
الحال الثاني: أن يقع الرهن مع العقد الموجب للدّين.
ما الحكم إذا تعدّى المرتهن في الرهن:
إذا تعدى المرتهن في الرهن أو فرّط في الحفظ في الرهن الذي عنده حتى يتلف، فإنه يضمن، وأما إن تلف من غير تعدٍّ منه ولا تفريط فلا ضمانَ عليه، وهو من مال الراهن. عن سعيد بن المسيب أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال:((لا يغلق الرهن، لصاحبه غنمُه، وعليه غرمه)).