للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثانيا - لأنها شريعة الفطرة، وفي فطرة الإنسان حب اليسر والرفق والسماحة، والنفور من الشدة والإعنات، فإن طبيعة البشر العادية تنفر من التشديد ولا تحتمله، ولا تصبر عليه، ولو صبر عليه بعضهم لم يصبر عليه عامتهم، والشريعة إنما خاطبت الناس جميعا. وقد ظهر للسماحة أثر عظيم في انتشار الإسلام، وتقبل الناس له على مر العصور.

ثالثا - ولأن هذه الأمة أمة وسط في جميع المجالات، منها مجال شرعها الحنيف؛ لأن السماحة في الشريعة تعني سهولة التكليف والمعاملة في اعتدال، فهي وسط بين التضييق والتساهل، وهذا راجع إلى معنى الاعتدال والعدل والتوسط بين طرفي الإفراط والتفريط، والوسطية مما تميزت به هذه الأمة من بين سائر الأمم، كما قال جل شأنه: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ} [البقرة: ١٤٣] الآية (١) .

وعلى ذلك، فإن من نعمة الله تعالى على هذه الأمة أن جعل دينها وشريعتها حنيفية سمحة، فهي حنيفية في التوحيد، سمحة في العمل، لا إصر فيها ولا الأغلال التي كانت على الأمم السالفة، كما وصف بذلك نبيها صلى الله عليه وسلم في التوراة والإنجيل: {وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ} [الأعراف: ١٥٧] (٢) .


(١) سورة البقرة: الآية ١٤٣. وانظر: مقاصد الشريعة الإسلامية، ص ٢٦٨ - ٢٦٩؛ العبادة في الإسلام: د / يوسف القرضاوي، ص ١٨٨؛ والصحوة الإسلامية بين الجمود والتطرف، له أيضا، ص ٢٤؛ و٢٩.
(٢) سورة الأعراف: الآية ١٥٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>