رابعاً: لهذه السدود مزايا وأغراض متعددة، وأُبرمت معاهدات واتفاقيات عديدة بشأن مياه الفرات بين تركيا والعراق، وتركيا وسورية، تهدف إلى تنظيم تدفق المياه منه إلى هذه البلدان، وفي اتفاقية سنة ١٩٤٦ لم تقبل العراق أن المنطقة المناسبة لبناء السد وتنظيم مياه نهر الفرات هي المنطقة الممتدة ضمن حدود الأراضي التركية، ولكنها -أيضاً- وافقت على الإسهام في نفقات الإنشاءات لتنظيم المياه، إذ كانت ستعود بالفائدة على العراق -أيضاً-، إذ لا توجد مناطق في العراق أو سورية ملائمة لإنشاء خزان لتكوين احتياطي؛ لأسباب جغرافية ومناخية وهيدروجرافية وجيولوجية، كما أقرت بذلك الحكومة العراقية في الاتفاقية المذكورة، وأبرمت معاهدة في ١٧/يوليو/سنة ١٩٨٧م، تعهدت تركيا فيها للعراق بتوفير ما لا يقل عن (٥٠٠) متر مكعب في المتوسط سنوياً خلال فترة احتجازها للمياه لإنشاء (سد أتاتورك) ، وحتى الوصول إلى اتفاق نهائي بينهما مع سورية لتخصيص مياه نهر الفرات. خامساً: هنالك صراعات مستمرة تظهر وتختفي بين دول المصبّ ودول المنبع (تركيا) بشأن المياة وكمياتها التي سوف تستخدم، مما له تعلق بالمصالح المادية، ولما له من آثار إيجابية على النظام الاقتصادي في الدول المعنية، ولا سيما أن هناك عجزاً مائياً مستمراً يصل إلى (٥.٨٠) بليون متر مكعب سنوياً من نهر الفرات، وهذا يهدد النهر بالجفاف والنشاف، وأخبرني غير واحد من إخواننا العراقيين أنهم باستطاعتهم قطع نهر الفرات في بعض المناطق مشياً على أرجلهم من قلة مائه، مما يؤذن بانحساره، ولله في خلقه شؤون. وانظر: «لمعة البيان في أحداث آخر الزمان» (ص ٧٩) . سادساً: مما ينبغي معرفته أخيراً -على ضوء القوانين الأرضية المحدثة- أن نهرا دجلة والفرات ليسا مياهاً دوليّاً، ولكنهما ممرات مائية دولية عابرة للحدود، وهذا ناجم عن اتفاقية سنة ١٩٩٧، وهو يتفق مع مواثيق القانون الدولي (!!) مثل: اتفاقية الأمم المتحدة (!!) ١٩٩٢ لحماية استخدام الممرات العابرة للحدود والبحيرات. وانظر كلاماً عن (الفرات) و (منابعه) وما جرى عليه من تغيير في «ولاية البصرة في ماضيها وحاضرها» (١/١٥-٢٠) ، ومن الجدير بالذكر أن بعضهم يرجع تسمية (الفرات) إلى الفعل العبري (فيرات) أو (فرات) الذي يعني: يخصب أو يلقّح، وانظر مقالة جمال بابان بعنوان: (أصول أسماء العراق وأنهاره الرئيسة) المنشورة في مجلة «آفاق عربية» ، عدد آذار، سنة ١٩٨٠م (ص ٩٨-١١١) .