للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويظهر صواب هذا الموقف من خلال خصائص (الحق) التي لا تنفك عنه، من ثبات أهله عليه، وانشراح صدورهم به، وطول مسيرتهم وظهور ثمارهم، ورحم الله ابن حزم لما قال: «نُوَّار الفتنة لا يعْقِدُ» (١) .

«والمعنى: أنّ للفتنة مظهراً خادعاً في مبدئه، قد يستحسن الناس صورتها، ويعقدون الآمال عليها، ولكن سرعان ما تموت وتتلاشى، مثل الزهرة التي تموت قبل أنْ تتفتح وتعطي ثمرتها.

وهذه الكلمة القصيرة؛ حكمة عظيمة من نتاج فكر الإمام ابن حزم ... -رحمه الله-، الذي عاصر فتنة البربر في الأندلس، ورأَى بنفسه كيف أن الناس يعقدون على كل ثائر وثورة، وشرارة فتنة جديدة؛ آمالاً كبيرة في الإصلاح والتغيير، ولكن سرعان ما تتحول الآمال إلى مآسٍ وأحزانٍ، وضحايا وتدمير، وهذه الكلمة تنطبق على كل عصر ومصر، ويفترض بنا -نحن أبناء هذا العصر- أنْ نكون أكثرَ فهماً لمدلولها، واستحضاراً لمعانيها، إذ نعيش في زمن قلَّ فيه العلم، وعمَّ فيه الجهل، ورفع الغوغاء رؤوسهم، وغلبت على النفوس الشبهات والشهوات» (٢) .

فصل

مظاهر الخروج الجديد ونواره الذي لم ولن يعقد،

ومن ذلك فتنة جهيمان والحرم المكي

وللخروج الجديد مظاهر، وبدا له (نوّار) في كثير من البلدان في أوقات متفرقات، ويا ليته (لم يعقد) فقط، وإنما أفسد أصحابه، بعدم معرفتهم


(١) «الأخلاق والسير» (ص ٨٤) .
(٢) من كلام المعلق على «الأخلاق والسير» ، وهو أخونا الباحث عبد الحق التركماني ... -حفظه الله-.

<<  <  ج: ص:  >  >>