للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثالثاً: تسمية النبي صلى الله عليه وسلم مكيال كلِّ قوم باسمه المعروف عندهم دليل على أنه كان يعرِفُ كلامَ الناس، وإنْ بعدت أقطارهم، واختلفت عباراتهم، وقد ثبت أنه كان يخاطب كلَّ قوم بلغتهم في غير موضع (١) .

رابعاً: فيه بيان لبعض أحكام الأرضين المغنومة، إذ إنّ النبي صلى الله عليه وسلم قد علم بأن الصحابة يضعون الخراج على الأرض، ولم يرشدهم إلى خلاف ذلك، بل قرره، وحكاه لهم (٢) .

قال ابن المنذر: «وكل أرض افتتحت عنوة؛ فسبيلها إذا تركها أهلها لمن بعدهم، أو تركها الإمام على ما يجوز أن يتركها لمن بعدهم، كسبيل أرض السواد، وذلك كالأغلب من أرض مصر وكثير من أراضي الشام، أن للإمام أن يضع عليها الخراج، ويقبض ذلك ويصرفه في مصالح المسلمين وبينهم» (٣) .

والخراج: هو ما وُضِع على رقاب الأَرَضين من حقوقٍ تُؤَدّى عنها (٤) ، أو هو جزيةُ الأرضِ وحقٌّ يتعلق برقبتها زرعت أم لم تزرع يؤخذ من الكفار على وجه الصغار سببه الكفر لا يكون إلا بعقد موافقة من الطرفين يصرف مصارف الجزية والفيء، يجب في كل حول مرة ويقدر كثرة الأرض وقلتها (٥) .


(١) «المفهم لما أشكل من تلخيص صحيح مسلم» (٧/٢٣٠) . ومن المفيد تتبع الإجمال الوارد في هذه الفائدة في جزء مفرد، والله الموفق.
(٢) «نيل الأوطار» (٨/١٦٤) .
(٣) «الأوسط» (١١/٤٤-٤٥) ، وطوّل شيخ الإسلام النفَسَ في منع بيع هذه الأرض، وأنها مختصة بالمسلمين، وقرر جواز المعاوضات عليها، سواء أخذها ذمي من الذمي الأول بالخراج، وعاوضه في ذلك عوضاً، أو أخذها المسلم من ذمي، وقال بعد كلام: «ولهذا جوّز أحمد إصداق الأرض الخراجية» . انظر: «جامع المسائل» (المجموعة الرابعة) (ص ٣٧٠) ، وذكر فيه حديثنا هذا.
(٤) «الأحكام السلطانية» (١٤٦) لأبي يعلى.
(٥) «أحكام أهل الذمة» (١/١٠٠ - ط. صبحي الصالح) .

<<  <  ج: ص:  >  >>